المشكلة والاشكالية لجميع الشعب ما عدا شعبة الآداب وفلسفة باك 2022
المشكلة والإشكالية:(جميع الشعب ما عدا شعبة الآداب وفلسفة).
نص السؤال: ما الفرق بين المشكلة والإشكالية؟
* هل يمكن التمييز بين المشكلة والإشكالية؟
* هل هناك علاقة بين المشكلة والإشكالية؟
* ما طبيعة العلاقة بين المشكلة والإشكالية؟
* قارن بين الحدين: المشكلة والإشكالية.
* قارن الأطروحة القائلة: "المشكلة قضية جزئية تثير الدهشة" بأخرى قابلة للمقارنة.
المقدمة:
*تمهيد وظيفي: يتميز الإنسان بميزة جوهرية ألا وهي العقل، والذي يسعى بواسطته تحصيل شتى أنواع المعارف والعلوم، مستخدما في ذلك محركا أساسيا هو السؤال، والذي يعرف لغة بالطلب والمطلب، أما اصطلاحا فيعرف بأنه استدعاء للمعرفة، أو هو ما ينتظر جوابا. ولا شك بأن الأسئلة ليست على شاكلة واحدة بل تتنوع وتتعدد، حيث نجد الأسئلة البسيطة والساذجة، الأسئلة المكتسبة، العملية، وهناك نوع آخر أرقى وهي الأسئلة الانفعالية، والتي تتنوع بدورها إلى عدة أصناف أبرزها السؤال العلمي والسؤال الفلسفي. وهذا الصنف الأخير قد يأتي أحيانا في شكل مشكلات، وفي شكل إشكاليات أحيانا أخرى.
*إشارة إلى إمكانية الوقوع في الخلط والالتباس: ولا يكاد الكثيرون يميزون ويفرقون بين المشكلة والإشكالية فمنهم من تخدعه مظاهر الاختلاف فيحكم بالفصل التام بينهما، والبعض الآخر قد تخدعه مظاهر التشابه فيحكم بأنهما وجهين لعملة واحدة.
*صياغة السؤال: من هنا ورفعا للخلط والالتباس حق لنا أن نتساءل: هل هناك علاقة بين المشكلة والإشكالية؟ وإن وجدت فما نوعها؟ وبعبارة أخرى: هل يمكن التمييز بين المشكلة والإشكالية؟
العرض:
بيان أوجه الاختلاف: * لا شك أن بين المشكلة و الإشكالية نقاط اختلاف كثيرة نذكر بعضا منها على سبيل المثال:
* أبرز المعاني اللغوية لمادة (ش ك ل) يأتي بمعنى الالتباس، وبمعنى الاختلاط، فيقال مثلاً: أشكل عليه الأمر؛ أي التبس واختلط عليه. وهذه المعاني سنجدها جلية في التعاريف الاصطلاحية للمشكلة والإشكالية.
* التعريف الاصطلاحي للإشكال والمشكلة في الفلسفة:
* المشكلة - كما عرفها جميل صليبا - هي المعضلة النظرية أو العملية التي لا يوصل فيها إلى حل يقيني، وهي مرادفة للمسألة التي يطلب حلها بإحدى الطرق العقلية أو العملية.
الإشكال: هو الالتباس، ويطلق على ما هو مشتبه، ويقرر دون دليل كاف، ومن ثم يبقى موضع نظر.
* وفي موسوعة لالاند الفرنسية في الفلسفة:
* الإشكالية Problématique: سمة حكم أو قضية قد تكون صحيحة، لكن الذي يتحدث لا يؤكدها صراحة.
والمشكلة (المسألةProbléme:)
أ- مهمة منطقية قوامها " تحديد شيء بناء على الروابط التي يفترض قيامها بينه وبين أشكال معينة".
ب- تقال عموما على كل قضية، خصوصا من الطراز النظري، وكذلك من الطراز العملي.
* و لمعرفة الفرق بين المُشكلة والإشكالية سنُوضح مفهوم كل منهما: الإشكالية: هي قضية عامة ومُعقدة، وينضوي تحتها عدد من التساؤلات، وقد نجد أجوبة لهذه التساؤلات أو لا نجد بحيث تبقى القضية مفتوحة، وغالباً ما تُسبب الإشكالية جدلاً واسعاً يُقابَل بالرفض من قِبل الكثيرين. أما المُشكلة فهي قضية أقل شمولاً، وتخُص صاحبها على الأغلب، إذ يقع الشخص في حيرة من أمرٍ ما، ويبحث عن حلول لهذه القضية، أو أن يكون قد وضع أهدافاً لنفسه ولكن هناك عوائق تُصعب عليه تحقيق أهدافه. من هنا نرى أن الإشكالية هي مفهوم أوسع من المُشكلة، وتحتوي الإشكالية على عدد من المُشكلات، ولنأخذ مثالاُ لتوضيح المفهومين بشكل أفضل، فمثلاُ هناك إشكالية في كيفية الحد من تلوث الهواء، وهي إشكالية تخُص العديد من الشعوب وعلى الرغم من وجود العديد من الاقتراحات لحل هذه الإشكالية إلا أن هناك ظروفاً قد تُحتم على دولة ما رفض هذه الحلول، أو عدم القُدرة على تطبيقها، بينما نجد دولة أخرى لا تجد صعوبة في تطبيق هذه الحلول. أما المُشكلة فهي كأن يقع الطالب في مُشكلة حل إحدى المسائل المُتعلقة بدراسته، ولكنها مُشكلة محلولة من خلال البحث والتركيز، ثم حل المسألة ولتكن مسألة في مادة الفيزياء مثلاً، أو أن يضع الطالب هدفاً لدراسة مادة مُعينة ولكن في نهاية العام، يجد أن مُعدله التراكمي لا يسمح له بالتسجيل في هذه المادة في الجامعة وهي مُشكلة لها حل أيضاً.
* النقاط التالية تُوضح الفروق التي يمكن استخلاصها من خلال تعريف كل من المُشكلة والإشكالية:
* الإشكالية هي أكثر عمومية من المُشكلة، كما أنها تنضوي على العديد من المُشكلات، أي أن المُشكلة هي جُزء من الإشكالية. تُسبب الإشكالية إحراجاً، أما المُشكلة فيكون صاحبها قلقاً أو مُندهشاً من الأمر الذي صعُب عليه. كما أن الإشكالية لا تقتصر على المواضيع القومية أو السياسية، بل قد تكون الإشكالية مُتعلقة بأحد المفاهيم العلمية أو النظريات القديمة التي تحتاج إلى إثبات وبرهان، لهذا فهي تُسبب إحراجاً لمن تقع عليهم مسؤولية تفسير وتوضيح هذه المسألة.
* الإشكالية أعم من المشكلة، فهي تتسع لكل المشكلات، والمشكلة جزء من الإشكالية، كما أن أسئلة الإشكالية أسئلة فلسفية معقدة، فكلما حاولت الإجابة عن سؤال تناسلت مجموعة من الأسئلة أكثر تعقيداً. وهي بذلك تفتح آفاق الممكن المعرفي أي اكتشاف عوامل معرفية لم يكن الباحث يعرفها من قبل عندما يفتح آفاق الممكن المعرفي، أما الباحث فإنه يشعر بأن ما يعرفه أقل بكثير مما يجهله، فيحفزه ذلك على مزيد من البحث والعطاء والصبر للوصول إلى المجهول، وهذا من ميزة العلم فهو لا ينتهي.
* وإذا كانت الإشكالية هي المعضلة الفلسفية التي تترامى وتتسع أكثر وتنضوي تحتها المشكلات الجزئية، فإن المشكلة أقل اتساعاً من الإشكالية..
* ففي الإشكالية نضع على رأس كل قضية فلسفية أساسية، سؤالاً جوهرياً يقوم مقام الإشكالية، ثم نفصل السؤال الجوهري هذا إلى عدد من الأسئلة الجزئية، تقوم مقام المشكلات..
* هذا فضلاً عن أن الإشكالية قضية تثير قلقاً نفسياً، وتشوشاً منطقياً، والباحث فيها لا يقتنع بحل أو بأطروحة أو بعملية من الأطروحات ويبقى مجال حلها مفتوحاً.
* والإشكالية تحتاج إلى أكثر من دراسة وتحليل، والتي تستوجب مقاربتها ومعالجتها أكثر من زاوية ومن وجهة نظر، فهي بمثابة المصدر. وفي مقابل ذلك نستعمل المشكلة باعتبارها القضية الجزئية التي تساعد على الاقتراب من الإشكالية..
* كما أنه لا يجب الخلط بين المشكلة الفلسفية التي تسعى إلى البحث عن الحقيقة البعيدة، والمشكلة العملية التي تهتم بالحقيقة القريبة من جهة أخرى.
* تعرف المشكلة بأنها الشعور أو الإحساس بوجود صعوبة لا بد من تخطيها، أو عقبة لا بد من تجاوزها، لتحقيق هدف ما. أو أنها الاصطدام بواقع لا نريده، فكأننا نريد شيئا ثم نجد خلافه. كما تعرف أيضا بأنها الأمر الصعب والملتبس الذي يمكن أن نجد له حلا. وهى عبارة عن تساؤل مؤقت، يستوجب جوابا مقنعا سعيا وراء البحث عن الحقيقة. أما الإشكالية فهي قضية كلية عامة، تثير نتائجها الشكوك بحيث أنها تقبل الإثبات أو النفي أو الأمرين معاً. والإجابة في الإشكالية غير مقنعة وتبقى دائما بين أخذ ورد.
* بما أن الإشكالية أوسع من المشكلــة، فإننا نجد أن الإجابة في المشكلة محصورة، بينما القضايا التي تطرحها الإشكالية هي قضايا عميقة عالقة فـي الفكر الإنساني تعكس البحث الدائم للإنسان من أجل أن يتكيف مع الوسط الذي يحيط به.
* من مواطن الاختلاف بين المشكلة والإشكالية: القلق النفسي الذي تثيره كل منهما في نفسية الفرد بحيث إذا كـان التوتر يثير الدهشة كانت القضية المطروحة مشكلة أما إذا كان إحراجا كانت القضية المطروحة إشكالية.
* الدهشة الفلسفية أو الحيرة الفكرية ، و هي متولدة من كون السؤال الفلسفي يفاجئ السامع ، فيطرح قضية مألوفة في صورة غير مألوفة ، تتعارض مع معارفنا و خبرتنا و عادتنا و معتقداتنا ، و يهز ثقتنا و إيماننا ، فيتحول اليقين إلى شك و ، العلم إلى جهل ، و ينتابنا شعور بالاضطراب و القلق ، و ندرك جهلنا بالحقيقة قال سقراط Socrate : "كل ما أعرفه هو أني لا أعرف شيء".
* مثلا: هل الشجاعة تعني عدم الخوف ؟ هل الحرية أن تفعل ما تشاء ؟ ما هي السعادة و ما هي الفضيلة و غيرها .و كلما اشتد الحيرة ازداد الفضول للكشف عن الانفراج و التخفيف من الجهل ، و الوقوف على طريق الحقيقة..
* تعريف الدهشة: هي الحيرة والاستغراب.
اصطلاحا: شعور المرء بجهل الصواب في قضية ما، فلا يدري أين المخرج وهي نوعان:
* دهشة عادية: من الأمر غير المألوف (تشل الفهم).
* دهشة فلسفية: من الأمر المألوف وهي تحفز الفهم وتنشطه وتجعله يسأل مثلا: لماذا أنا بهذه القامة القصيرة؟ ولماذا حدد عمري؟ ولماذا ولدت في هذا البلد دون غيره؟
* وهي دهشة تولد الفضول لذلك قال الألماني "كارل يسبيرس": '" يدفعني الاندهاش إلى المعرفة ، فيشعرني بجهلي"'
* الإحراج الفلسفي: هو الشعور بالضيق و انسداد المنافذ ، فتزداد المعاناة و يبقى السؤال عالقا يطلب منا الجواب.
* و الإحراج ناتج كذلك من كون السؤال الفلسفي يتضمن تناقضات و مفارقات، رغم أن المسألة واحدة ، فيضعنا أمام رأي و رأي آخر مناقض أو معاكس له ، و أمام هذه المفارقات يسعى العقل إلى إدراك العلاقة بينها ، و جمعها في سياق منطقي واحد ، مثل قول سقراط الذي جمع بين متناقضين هما العلم و الجهل ، فبلغ رسالة مفادها أن الجهل هو أساس المعرفة ، و أن الحقيقة لا تدرك بأتمها أبدا.
* و كان الفيلسوف الألماني "هيجل "Heggel يستعمل هذه الطريقة الجدلية في بناء فلسفته ، حيث يأخذ بالقضية و يقابلها بنقيضها ، ثم يركب بينهما و هكذا ...ففي مسألة الشجاعة مثلا / نجد رأي يقول أن الشجاعة هي عدم الخوف . لكن هناك من يقول من لا يخاف فهو متهور و عديم الوعي ، و عندما نركب بين الرأيين ندرك العلاقة بينهما فنقول أن الشجاعة لا تتعارض مع الخوف الذي يعبر عن صميم الوعي يقول "هيجل": "الفلسفة تبحث في المتناقضات الشاملة التي يغوص فيها وجود الإنسان".
*و ما يسبب الإحراج أيضا هو أن السؤال الفلسفي يطرح القضية في صورة فكرية عالمية و إنسانية، تتجاوز ما هو فردي و خاص ، لأننا عندما نتحدث عن الشجاعة أو السعادة أو الأخلاق لا نعني بها شجاعة الجندي ، و سعادة الأمير ، و أخلاق المصلحين ، و إنما نعني بها شجاعة و سعادة وأخلاق كل إنسان على وجه المعمورة ، و عليه يتوجب أن تتوفر لدينا رؤية واسعة و تأمل عميق ، و أن يتوجه خطابنا الفلسفي إلى العالم حتى و إن حركتنا قضية جزئية أو خاصة .
* من خلال الوقوف على حقيقة كل من المشكلة والإشكالية نلمس أن أهم وجه فرق بينهما يكمن في كون أن الإشكالية هي المعضلة الفلسفية التي تترامى حدودها، وتتسع أكثر وتنضوي تحتها المشكلات الجزئية .
* أما المشكلة فمجال بحثها في الفلسفة أقل اتساعا من الإشكالية، حتى أننا نضع على رأس كل قضية فلسفية أساسية سؤالا جوهريا يقوم مقام الإشكالية، ثم نفصل السؤال الجوهري هذا إلى عدد من الأسئلة الجزئية تقوم مقام المشكلات.
* هذا فضلا عن أن الإشكالية قضية تثير قلقا نفسيا وتشوشا منطقيا والباحث فيها لا يقتنع بحل أو بأطروحة أو بجملة من الأطروحات، ويبقى مجال حلها مفتوحا.
* إذن فالإشكالية أوسع من المشكلة، فهي تحتضن مجموعة من المشكلات، وإذا حددنا موضوع الإشكالية عرفنا المشكلات التي تتبعها كما تتتبع الأجزاء الكل الذي يحتضنها .فالإشكالية هي بمثابة المضلة المفتوحة التي تنضوي تحتها المشكلات التي تناسبها. وكذلك الأمر بالنسبة للإشكاليات فقد تجمعها على نفس المبدأ إشكالية واحدة نسميها إشكالية الإشكاليات أو أم الإشكاليات.
*وعلى هذا الأساس نستعمل الإشكالية باعتبارها المعضلة الأساسية التي تحتاج إلى أكثر من علاج، وفي مقابل ذلك نستعمل المشكلة باعتبارها القضية الجزئية التي تساعد على الاقتراب من الإشكالية .
* المشكلة مبعثها الدهشة و الحيرة، أما الإشكالية فمبعثها القلق و الإحراج.
* مجال المشكلة ضيق، أما مجال الإشكالية أوسع و ليست لها إجابات محددة.
* المشكلة الحل فيها ممكن، و أما الإشكالية فالحل فيها مستعص فهي بمثابة المعضلة (الحل معلق ).
* المشكلة تكتسي نوعا من السهولة في التناول أما الإشكالية فتكتسي نوعا من الصعوبة.
* تعبر المشكلة عن قضية أقل تعقيدا مقارنة بالإشكالية التي تعبر عن قضية فلسفية عميقة معقدة و متداخلة.
* و إذا كانت المشكلة تعبر عن قضية يمكن حلها بطريقة أو بأخرى فان الحل بالنسبة للإشكالية يبدو صعبا إن لم يكن مستحيلا فمثلا أيهما سابق في الوجود البيضة أم الدجاجة ؟.
من جهة أخرى إذا كان للمشكلة حل واحد فان الإشكالية لا تنتهي عند حل أو عند جواب واحد * و لعل ابرز نقطة اختلاف بين المفهومين أن الإشكالية تعبر عن قضية كلية بينما المشكلة تعبر عن قضية جزية مثلا: إشكالية الحرية تتضمن مشكلات جزئية منها مشكلة التحرر، مشكلة الحتمية و مشكلة الجبر.
* كما أن الإشكالية تمتاز بطابع العالمي العام بينما المشكلة تمتاز بطابعها الخاص
مثلا : إشكالية الاحتباس الحراري و مشكلة معالجة النفايات في الجزائر .
لكن هل وجود نقاط الاختلاف هذه تمنع من وجود نقاط تشابه واتفاق بينهما ؟
.....