هل المفاهيم الرياضية منشؤها العقل أم التجربة الحسية
شعبة أداب وفلسفة ولغات وعلوم تجريبية وتقني رياضي ورياضي وتسيير واقتصاد هل المفاهيم الرياضية منشؤها العقل أم التجربة الحسية بكالوريا 2022، 2023
مرحباً بكم متابعينا الأعزاء طلاب وطالبات العلم في موقعنا النورس العربي منبع المعلومات والحلول الذي يقدم لكم أفضل الأسئله بإجابتها الصحيحه من شتى المجالات التعلمية من مقرر المناهج التعليمية والثقافية ويسعدنا أن نقدم لكم حل السؤال الذي يقول........ هل المفاهيم الرياضية منشؤها العقل أم التجربة الحسية خاص لكل الشعب
الإجابة
هل المفاهيم الرياضية منشؤها العقل أم التجربة الحسية ؟
طرح المشكلة :
تنقسم العلوم من حيث الموضوع والمنهج إلى قسمين علوم التجريب والتي تعتمد على المنهج التجريبي كالفيزياء والكيمياء والبيولوجيا ، وعلوم النظرية كالرياضيات و التي تقوم بدراسة علم الكم المجرد وهو نوعان : كم منفصل ومجاله الجبر والحساب ، وكم متصل ومجاله الهندسة. ولقد سعى الدارسون والباحثون في البحث عن أصل ونشأة المفاهيم الرياضية ، ونتج عن هذا البحث ظهور اتجاهين متعاكسين حيث يرى الموقف الأول أنها ذات أصول عقلية أما الموقف الثاني فيرى أنها مستوحاة من التجربة الحسية وفي حدود هذا العناد و الصراع الفكري نتساءل :
- ما هو أصل المفاهيم الرياضية ؟ هل هي صناعة عقلية خالصة أم هي مستوحاة من اواقع الحسي ؟ وبعبارة أخرى هل هي فطرية أم مكتسبة ؟
محاولة حل المشكلة:
يرى أصحاب النزعة العقلية المثالية أن الرياضيات مصدرها العقل فهو الذي أبدعها وابتكرها واستنبطها من مبادئه القبلية ( فطرية ) التي هي أساس كل معرفة ، فالمفاهيم الرياضية نابعة من العقل وموجودة فيه فطريا ، و يجتمع حول هذا الرأي مجموعة من الفلاسفة و على رأسهم أفلاطون و روني ديكارت و إيمانويل كانط.
حيث يرى أفلاطون أن المعطيات الرياضية توجد في عالم المثل (عالم المعقولات) فالخطوط و الأشكال والأعداد موجودة في العقل و تكون ثابتة وأزلية بمعنى أن العمليات الرياضية و مختلف مفاهيمها هي صور مجردة تجريدا كاملا لا علاقة لها بالواقع الحسي ولا ترتبط به نهائيا.
كما نجد روني ديكارت يرى أن المفاهيم الرياضية كالأعداد والأشكال الهندسية فطرية في النفس و تتصف بالبداهة و اليقين و ليست مستوحاة من التجربة الحسية ، وهذا دليل على أن كل المفاهيم الرياضية هي مفاهيم مجردة من صنع العقل لكون الطبيعة لا تحتويها كاللانهائي و الأعداد السالبة و الجذر التخيلي ، الدوال و النقطة الهندسية التي لا طول لها ولا بعد لا تتفق مع النقطة الحسية التي تشغل دائما حيزا من المكان مهما كان ضئيلا....
إضافة إلى روني ديكارت يذهب الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط الذي يؤكد على أن المكان والزمان مفهومان مجردان ، وأن القضايا الرياضية قائمة عليهما .
إذن المفاهيم الرياضية مفاهيم عقلية خالصة .
لكن هذا الموقف تعرض إلى مجموعة من الانتقادات لكونه لا يخلو من سلبيات و نقائص من أهمها:
لأنه لو كانت الرياضيات عقلية خالصة و فطرية ، لما لا يكون حظ الناس منها واحد ، ألم يقل ديكارت أن العقل أعدل قسمة بين الناس ، فلماذا إذن يتفاوت الناس في مجال الرياضيات ؟ كما أنه من ناحية أخرى
نجد أن المفاهيم الرياضية لا تظهر دفعة واحدة ، بل تكشف عن نفسها بالتدريج ، وتتطور باستمرار عبر الزمن و تاريخ الرياضيات شاهد على ذلك مما يدل على أن العقل الرياضي يتكون بالتدريج من خلال ما يكتسبه من تجارب .
يرى مجموعة من الفلاسفة التجريبيين من بينهم جون لوك و دافيد هيوم و جون ستيوارت ميل أن المفاهيم الرياضية أصلها ومصدرها تجريبي حسي مثلها مثل كل المعارف الإنسانية وأنها ليست فطرية أبدا.
، لأن العقل يولد صفحة بيضاء وكل المعارف ومنها الرياضيات مكتسبة عن طريق الملاحظات والتجارب الحسية ، لهذا يقول جون ستيوارت ميل " إن النقط و الخطوط و الدوائر التي يحملها كل واحد في ذهنه هي مجرد نسخ من النقط و الخطوط والدوائر التي عرفها في التجربة ". فالنجمة توحي بالنقطة والقمر يوحي بالقرص والشمس توحي بالدائرة والجبل يوحي بالمثلث وجذع الشجرة يوحي ب الأسطوانة وهكذا......
كما أن هناك حجة تاريخية تؤكد على أن الرياضيات ترتبط ارتباطا وثيقا بالتجربة الحسية فالإنسان البدائي عرف الحساب بواسطة العيدان و الحصى و أصابع اليد وفي هذا صدد قيل : " اليد أداة الحساب ".
وكذلك الدراسات العلمية الحديثة في ميدان علم النفس أثبتت أن الطفل الصغير يدرك المفاهيم الرياضية ككيفيات وصفات حسية " صفات للأشياء ".
إضافة إلى ذلك نجد تاريخ العلم يؤكد بأن الرياضيات قبل أن تصبح علما عقليا قطعت مرحلة كلها تجريبية بدليل أن الرياضيات المادية هي التي تطورت قبل غيرها ، فالهندسة لها علاقة بالتجربة ونلمس هذا خاصة عند الفراعنة المصريين من خلال تقسيم الأراضي .
إذن المفاهيم الرياضية مستوحاة ومستخلصة من التجربة الحسية .
لكن لو كانت جميع المفاهيم الرياضية ذات أصول تجريبية خالصة كما زعمت النظرية التجريبية فلماذا نجد الرياضي يعتمد على بعض المفاهيم لا علاقة لها بالواقع الحسي كالأس والصفر. وإجمالا هذا الموقف بالغ كثيرا حينما اعتبر المفاهيم الرياضية منشأها التجربة وأنكر دور العقل في إبداعها.
بعد مناقشة الموقفين السابقين يتضح لنا أن النظرية العقلية بالغت حين ما اعتبرت أن المعاني الرياضية صناعة عقلية خالصة و أهملت دور التجربة في تكوينها ، والنظرية التجريبية بالغت هي الأخرى حين ما ركزت على التجربة الحسية وأنكرت دور العقل في إبداع المفاهيم الرياضية والنظرة الموضوعية الأقرب للواقعية هي التي ترى أن الرياضيات تبتدئ تجريبية و تنتهي عقلية لأن المعاني الرياضية لم تنشأ دفعة واحدة ، بل نمت و تطورت بالتدرج عبر الزمن فقد بدأت المفاهيم الرياضية حسية تجريبية في أول أمرها ثم أصبحت مفاهيم استنتاجيه مجردة (عقلية)
وفي هذا الصدد يقول العالم الرياضي السويسري غونزيث : " في كل بناء تجريدي يوجد راسب حدسي يستحيل محوه و إزالته فليس هناك معرفة حسية خالصة و لا معرفة عقلية خالصة...." .
حل المشكلة :
نستنتج في الأخير أن الرياضيات صارت تمثل عالم العقل و التجريد و ليس هناك حد يقف أمام العقل في ابتكار المفاهيم الرياضية و في الكشف عن العلاقات و توظيفها ، لكن هذا لم يكن دفعة واحدة بل تطور بالتدريج ، وقد كانت التجربة في البداية منطلق التفكير الرياضي لكنه استقل عنها و فارقها.
أقوال فلسفية :
لو لا وجود الأجسام الطبيعية لما وجد علم الهندسة بوان كاري
لم يدرك العقل مفاهيم الرياضية في الأصل إلا من جهة ما هي ملتبسة باللواحق المادية ولكنه انتزعها من مادتها وجردها من لواحقها حتى أصبحت مفاهيم عقلية محضة جورج سارطون
أسئلة تطبيقية :