في تصنيف ثقافة إسلامية بواسطة

احدث الخطب في محرم الخطب الجمعه لشهر محرم السنه الهجريه 1444

عناوين خطب الجمعه حصريا فقط فى المجموعه الخطب المنبريه

1خطبة عن ( مواقف من الهجرة النبوية )

2خطبة عن ( شهر الله المحرم وفضائله )

3خطبة عن (من دروس الهجرة) مختصرة

4خطبة عن (هجر المعاصي إلى الطاعات)

5خطبة عن (العبرة من مرور الأيام والأعوام)

6خطبة عن (خير الناس مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُه)

7خطبة عن قوله تعالى (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ )

8خطبة عن: من دروس الهجرة (حسن اختيار الصاحب)

9خطبة عن: من دروس الهجرة (الإيثار)

10خطبة عن من دروس الهجرة (التخطيط للعمل)

11خطبة عن الهجرة النبوية (دروس وعبر) 1

12خطبة عن الهجرة النبوية (دروس وعبر) 2

13خطبة عن (من دروس الهجرة: الثبات على المبدإ)

14خطبة عن حديث (لاَ تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ)

15خطبة: من دروس الهجرة: الأخوة في الله)

16خطبة: من دروس الهجرة (كتمان السر)

17خطبة: من دروس الهجرة (بناء المسجد .والإصلاح والإخاء)

18خطبة من دروس الهجرة (التوكل على الله)

خطب جاهزة و مكتوبة ملتقى الخطباء صيد الفوائد اسلام ويب 

وهي كالتالي على مربع الاجابة اسفل الصفحة 

2 إجابة

0 تصويتات
بواسطة
 
أفضل إجابة
شهر الله المحرم فضائل ومكارم (خطبة قصيرة)

عناصر الخطبة

1/غفلة بعض الأنام عن حكم تعاقب الأيام والأعوام 2/وقفات مع شهر الله المحرم 3/ضلال بعض العباد عن هديه صلى الله عليه وسلم في عاشوراء 4/دعوة لاستغلال الأعمار لنيل دار القرار.

الخطبة الأولى:

الْحَمْدُ لِلَّهِ، يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ، وَيَصْطَفِي مِنْ خَلْقِهِ مَا يُرِيدُ، لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ، وَلَا رَادَّ لِقَضَائِهِ، لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ؛ سُبْحَانَهُ جَعَلَ فِي تَقَلُّبِ الْأَيَّامِ عِظَةً لِلْمُؤْمِنِينَ، وَفِي تَعَاقُبِهَا عِبْرَةً لِلْمُدَّكِرِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِ الشَّاكِرِينَ، وَإِمَامِ الْمُوَحِّدِينَ، قَامَ بِحَقِّ رَبِّهِ حَتَّى أَتَاهُ الْيَقِينُ، عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ أَفْضَلُ صَلَاةٍ وَأَتَمُّ تَسْلِيمٍ؛ ثُمَّ أَمَّا بَعْدُ:

عِبَادَ اللَّهِ: اتَّقُوا اللَّهَ؛ فَإِنَّ فِي تَقْوَاهُ سَعَادَةً لِلْعِبَادِ، وَهِيَ خَيْرُ مَا يُتَزَوَّدُ بِهِ لِيَوْمِ الْمَعَادِ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)[الْحَشْرِ: 18]. (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النِّسَاءِ: 1].

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: تَتَوَالَى اللَّيَالِي وَالْأَيَّامُ، وَتَتَعَاقَبُ السُّنُونَ وَالْأَعْوَامُ، وَالْبَعْضُ فِي غَيِّهِمْ يَلْعَبُونَ وَبِدُنْيَاهُمْ مُنْشَغِلُونَ، فَلَا آمَالُهُمْ تَحَقَّقَتْ وَلَا سَاعَاتُهُمْ أُجِّلَتْ؛ بَلْ ذَهَبَتِ الْأَمَانِي وَوَقَعَ الْمَنُونُ؛ وَالنَّتِيجَةُ أَنَّهُمْ لَا لِدُنْيَاهُمْ حَفِظُوا، وَلَا لِآخِرَتِهِمُ اسْتَعَدُّوا؛ إِنَّمَا غَادَرُوا الدُّنْيَا كَمَا دَخَلُوهَا، وَرَحَلُوا إِلَى الْآخِرَةِ كَمَا وُعِدُوا بِهَا؛ (وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ)[الْأَنْعَامِ: 94].

عِبَادَ اللَّهِ: لَا تَكَادُ تَنْتَهِي مَوَاسِمُ طَاعَاتٍ حَتَّى تَعْقُبَهَا أُخْرَى، وَلَا تَنْقَضِي فُرَصُ خَيْرٍ حَتَّى تُطِلَّ عَلَيْنَا غَيْرُهَا.. وَهَا نَحْنُ -يَا عِبَادَ اللَّهِ- عَلَى مَوْعِدٍ مَعَ تَوْدِيعِ عَامٍ هِجْرِيٍّ كَانَ خِتَامُهُ شَهْرًا مُحَرَّمًا، تَخَلَّلَتْ أَيَّامَهُ فَرِيضَةٌ عَظِيمَةٌ وَشَعِيرَةٌ جَلِيلَةٌ؛ إِنَّهَا فَرِيضَةُ الْحَجِّ، كَمَا نَسْتَقْبِلُ عَامًا هِجْرِيًّا جَدِيدًا يَفْتَتِحُهُ شَهْرٌ حَرَامٌ؛ وَهُوَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ، وَلَنَا مَعَكُمْ فِيهِ وَقَفَاتٌ:

أَوَّلُهَا: تَسْمِيَتُهُ وَمَا قِيلَ فِيهَا؛ فَقِيلَ: سُمِّيَ مُحَرَّمًا؛ لِأَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْجَنَّةَ فِيهِ عَلَى إِبْلِيسَ. وَقِيلَ: مُحَرَّمًا تَأْكِيدًا لِحُرْمَةِ الْقِتَالِ فِيهِ؛ حَيْثُ إِنَّ قُرَيْشًا كَانَتْ تَتَلَاعَبُ فِي تَحْرِيمِهِ فَكَانُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ آخَرَ، كَمَا كَانَتِ الْعَرَبُ تُسَمِّي الْمُحَرَّمَ بِشَهْرِ اللَّهِ الْأَصَمَّ؛ وَذَلِكَ لِشِدَّةِ تَحْرِيمِهِ وَتَعْظِيمِهِمْ لَهُ، وَيُسَمُّونَهُ صَفَرَ الْأَوَّلَ. ثُمَّ صَارَتْ تَسْمِيَتُهُ إِسْلَامِيَّةً شَرْعِيَّةً "شَهْرَ اللَّهِ الْمُحَرَّمَ".

ثَانِيهَا: تَخْصِيصُ نِسْبَتِهِ إِلَى اللَّهِ دُونَ سَائِرِ الشُّهُورِ؛ فَيُقَالُ: شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ، وَلَا يُقَالُ فِي غَيْرِهِ كَذَلِكَ؛ وَفِي حِكْمَةِ ذَلِكَ يَقُولُ الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ الْعِرَاقِيُّ فِي (شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ): "الْحِكْمَةُ فِي تَسْمِيَةِ الْمُحَرَّمِ شَهْرَ اللَّهِ، وَالشُّهُورُ كُلُّهَا لِلَّهِ! يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ لَمَّا كَانَ مِنَ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ فِيهَا الْقِتَالَ، وَكَانَ أَوَّلَ شُهُورِ السَّنَةِ أُضِيفَ إِلَيْهِ إِضَافَةَ تَخْصِيصٍ وَلَمْ يَصِحَّ إِضَافَةُ شَهْرٍ مِنَ الشُّهُورِ إِلَى اللَّهِ -تَعَالَى- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَّا شَهْرَ اللَّهِ الْمُحَرَّمَ". اهـ.

إِضَافَةً إِلَى أَنَّ فِي تَسْمِيَتِهِ بِذَلِكَ مَزِيدَ فَضِيلَةٍ؛ قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: "وَقَدْ سَمَّى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمُحَرَّمَ شَهْرَ اللَّهِ، وَإِضَافَتُهُ إِلَى اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- تَدُلُّ عَلَى شَرَفِهِ وَفَضْلِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ -تَعَالَى- لَا يُضِيفُ إِلَيْهِ إِلَّا خَوَاصَّ مَخْلُوقَاتِهِ، كَمَا نَسَبَ مُحَمَّدًا وَإِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَغَيْرَهُمْ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ إِلَى عُبُودِيَّتِهِ، وَنَسَبَ إِلَيْهِ بَيْتَهُ وَنَاقَتَهُ".

ثَالِثُهَا: أَنَّهُ مِنَ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وَيَأْتِي فِي أَوَّلِهَا؛ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: "إِنَّ اللَّهَ -تَعَالَى- افْتَتَحَ السَّنَةَ بِشَهْرٍ حَرَامٍ -أَيِ: الْمُحَرَّمِ- وَخَتَمَهَا بِشَهْرٍ حَرَامٍ -أَيْ: ذِي الْحِجَّةِ- فَلَيْسَ شَهْرٌ فِي السَّنَةِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ أَعْظَمَ عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْمُحَرَّمِ".

وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْأَشْهُرَ الْحُرُمَ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ غَيْرِهَا؛ لِذَا تَأَكَّدَ تَحْرِيمُ الظُّلْمِ فِيهَا، قَالَ تَعَالَى: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ)[التَّوْبَةِ: 36].

قَالَ الْإِمَامُ الْقُرْطُبِيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- فِي تَفْسِيرِهِ: "خَصَّ اللَّهُ -تَعَالَى- الْأَشْهُرَ الْحُرُمَ بِالذِّكْرِ وَنَهَى عَنِ الظُّلْمِ فِيهَا؛ تَشْرِيفًا لَهَا، وَإِنْ كَانَ مَنْهِيًّا عَنْهُ فِي كُلِّ الزَّمَانِ، وَعَلَى هَذَا أَكْثَرُ أَهْلِ التَّأْوِيلِ، أَيْ: لَا تَظْلِمُوا فِي الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ الْحُرُمِ أَنْفُسَكُمْ".

رَابِعُهَا: أَنَّ شَهْرَ اللَّهِ الْمُحَرَّمَ أَوَّلُ الْأَشْهُرِ الْهِجْرِيَّةِ أَوِ الْقَمَرِيَّةِ، وَتَمَّ الِاتِّفَاقُ عَلَى هَذَا فِي عَهْدِ الْخَلِيفَةِ الرَّاشِدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ سَنَةَ (16 ه)، وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ)[التَّوْبَةِ: 36].

خَامِسُهَا -يَا عِبَادَ اللَّهِ-: أَنَّهُ مِنْ أَفْضَلِ الْأَشْهُرِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ، رَجَّحَ ذَلِكَ جَمْعٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ قَالَ ابْنُ رَجَبٍ: "وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي أَيِّ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ أَفْضَلُ، فَقَالَ الْحَسَنُ وَغَيْرُهُ: أَفْضَلُهَا شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ، وَرَجَّحَهُ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ. وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا مَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: "سَأَلْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَيُّ اللَّيْلِ خَيْرٌ؟ وَأَيُّ الْأَشْهُرِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: خَيْرُ اللَّيْلِ جَوْفُهُ، وَأَفْضَلُ الْأَشْهَرِ شَهْرُ اللَّهِ، الَّذِي تَدْعُونَهُ الْمُحَرَّمَ"، قَالَ ابْنُ رَجَبٍ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: "وَإِطْلَاقُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ (أَفْضَلُ الْأَشْهُرِ) مَحْمُولٌ عَلَى مَا بَعْدَ رَمَضَانَ".

سَادِسُهَا: اسْتِحْبَابُ الصِّيَامِ فِيهِ، وَتَأْتِي أَفْضَلِيَّةُ الصِّيَامِ فِيهِ بَعْدَ فَضْلِ الصِّيَامِ فِي رَمَضَانَ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ"(رَوَاهُ مُسْلِمٌ 1163).

وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ حَوْلَ مَدْلُولِ الْحَدِيثِ، وَهَلِ الْمَقْصُودُ صِيَامُ الشَّهْرِ كَامِلًا أَمْ أَكْثَرِهِ؟ وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ -وَاللَّهُ أَعْلَمُ- يَدُلُّ عَلَى فَضْلِ صِيَامِ شَهْرِ الْمُحَرَّمِ كَامِلًا، وَحَمَلَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ عَلَى التَّرْغِيبِ فِي الْإِكْثَارِ مِنَ الصِّيَامِ فِي شَهْرِ الْمُحَرَّمِ لَا صَوْمِهِ كُلِّهِ، لِقَوْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ قَطُّ إِلَّا رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ فِي شَهْرٍ أَكْثَرَ مِنْهُ صِيَامًا فِي شَعْبَانَ"(رَوَاهُ مُسْلِمٌ)، وَلَكِنْ قَدْ يُقَالُ: إِنَّ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- ذَكَرَتْ مَا رَأَتْهُ هُنَا، وَلَكِنَّ النَّصَّ يَدُلُّ عَلَى صِيَامِ الشَّهْرِ كَامِلًا.

شَهْرُ الْحَرَامِ مُبَارَكٌ مَيْمُونُ *** وَالصَّوْمُ فِيهِ مُضَاعَفٌ مَسْنُونُ

وَثَوَابُ صَائِمِهِ لِوَجْهِ إِلَهِهِ *** فِي الْخُلْدِ عِنْدَ مَلِيكِهِ مَخْزُونُ.

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِفِعْلِ الْخَيْرَاتِ وَتَرْكِ الْمُنْكَرَاتِ، وَالْأَمْنِ مِنَ الْفَزَعِ يَوْمَ الْعَرْضِ فِي الْعَرَصَاتِ.

قُلْتُ مَا سَمِعْتُمْ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنَبٍ وَخَطِيئَةٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
بواسطة
الخطبة الثانية:

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَمِنَ الْوَقَفَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِشَهْرِ اللَّهِ الْمُحَرَّمِ يَوْمُ عَاشُورَاءَ، وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي نَصَرَ اللَّهُ فِيهِ الْحَقَّ وَأَهْلَهُ الْمُؤْمِنِينَ (مُوسَى وَقَوْمَهُ)، وَهَزَمَ فِيهِ الْبَاطِلَ وَأَهْلَهُ الْكَافِرِينَ (فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ)، وَلَا يَزَالُ هَذَا الِانْتِصَارُ مَحَلَّ اعْتِبَارٍ إِسْلَامِيٍّ وَتَقْدِيرٍ وِجْدَانِيٍّ؛ فَشُرِعَ لَنَا صِيَامُهُ قِيَامًا لِلَّهِ بِشُكْرِهِ إِلَى أَنْ يَرِثَ اللَّهُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا، كَمَا رَتَّبَ الشَّرْعُ عَلَى صِيَامِهِ ثَوَابًا عَظِيمًا شُكْرًا لِهَذِهِ الْمُنَاسَبَةِ الشَّرِيفَةِ؛ فَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ مَرْفُوعًا: "وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ".

هَذَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ، وَأَمَّا عَنْ فِعْلِهِ؛ فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-، قَالَ: "مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ إِلَّا هَذَا الْيَوْمَ، يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَهَذَا الشَّهْرَ؛ يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ"؛ وَمَعْنَى "يَتَحَرَّى" أَيْ: يَقْصِدُ صَوْمَهُ لِتَحْصِيلِ ثَوَابِهِ، وَالرَّغْبَةِ فِيهِ".

وَعَنْ مَرَاحِلِ صَوْمِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِعَاشُورَاءَ نَجِدُ أَنَّهَا كَانَتْ عِدَّةَ مَرَاحِلَ؛ فَفِي مَكَّةَ كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصُومُهُ، فَصَامَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَأْمُرْ أَصْحَابَهُ بِصِيَامِهِ، ثُمَّ لَمَّا ارْتَحَلَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَجَدَ أَهْلَ الْكِتَابِ يَصُومُونَهُ فَصَامَهُ، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ بِصِيَامِهِ، ثُمَّ لَمَّا نَزَلَتْ فَرْضِيَّةُ صَوْمِ رَمَضَانَ صَامَ رَمَضَانَ وَتَرَكَ الْأَمْرَ بِصِيَامِهِ، ثُمَّ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ عَزَمَ أَنْ يُخَالِفَ أَهْلَ الْكِتَابِ فِي صِيَامِهِ فَيَزِيدَ عَلَيْهِ التَّاسِعَ، لَكِنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ ذَلِكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

عِبَادَ اللَّهِ: هَذَا أَبْرَزُ مَا يَتَعَلَّقُ بِشَهْرِ اللَّهِ الْمُحَرَّمِ مِنَ الْمَسَائِلِ وَالْأَحْكَامِ؛ لَكِنْ مِنَ الْمُؤْسِفِ أَنْ تَجِدَ مِنَ الْعِبَادِ مَنْ لَا يَقِفُ عِنْدَ حُدُودِ الْمَشْرُوعِ فِيهِ، وَيَقِفُ بِهِ الِاتِّبَاعُ حَيْثُ هَدْيُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَيَكْتَفُونَ بِمَا وَرَدَنَا عَنْهُ قَوْلًا وَعَمَلًا؛ بَلْ شَرَعُوا فِي الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَا ثَبَتَ عَنْ رَسُولِهِ؛ ظَانِّينَ -وَخَابَ ظَنُّهُمْ- أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا، فَابْتَدَعُوا وَلَيْتَهُمُ اتَّبَعُوا، وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَكُونُ مِنَ الْبِدَعِ وَالْمُحْدَثَاتِ، سَوَاءٌ فِي شَهْرِ الْمُحَرَّمِ عُمُومًا أَوْ فِي عَاشُورَاءَ خُصُوصًا؛ يَقُولُ أَبُو شَامَةَ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: "وَلَمْ يَأْتِ شَيْءٌ فِي أَوَّلِ لَيْلَةِ الْمُحَرَّمِ، وَقَدْ فَتَّشْتُ فِيمَا نُقِلَ مِنَ الْآثَارِ صَحِيحًا وَضَعِيفًا، وَفِي الْأَحَادِيثِ الْمَوْضُوعَةِ، فَلَمْ أَرَ أَحَدًا ذَكَرَ فِيهَا شَيْئًا، وَإِنِّي لَأَتَخَوَّفُ -وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ- مِنْ مُفْتَرٍ يَخْتَلِقُ فِيهَا".

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ سَلَفَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَخَلَفَهَا الْمُتَّبَعِينَ لَا يَعْرِفُونَ عَنْ عَاشُورَاءَ إِلَّا أَنَّهُ يَوْمُ نَصْرٍ وَتَمْكِينٍ لِمُوسَى وَقَوْمِهِ، وَهَلَاكٍ لِفِرْعَوْنَ وَجُنْدِهِ، فَصَامَهُ مُوسَى وَنَبِيُّنَا -عَلَيْهِمَا السَّلَامُ- وَرَغَّبَا فِي صِيَامِهِ، وَلَمْ يَجْعَلُوا مِنْهُ مُنَاسَبَةَ حُزْنٍ وَنِيَاحَةٍ أَوْ مَوْعِدَ انْتِقَامٍ وَثَأْرٍ أَوْ لِقَاءَ فُحْشٍ وَاخْتِلَاطٍ وَإِبَاحَةٍ أَوْ إِثَارَةِ الشَّحْنَاءِ وَإِحْيَاءٍ لِلْفِتْنَةِ وَإِذْكَاءٍ لِلْحُرُوبِ وَقَدْحٍ فِي الصَّحَابَةِ كَمَا يَفْعَلُهُ أَصْحَابُ الْحُسَيْنِيَّاتِ وَالْحَوْزَاتِ.

عِبَادَ اللَّهِ: أَعْمَارُنَا هِيَ مَحَطُّ أَعْمَالِنَا، وَمَقَادِيرُ آجَالِنَا، وَفِي تَبَدُّلِ الْأَيَّامِ وَتَعَاقُبِ الْأَعْوَامِ حِكْمَةٌ وَعِبْرَةٌ، تَكْمُنُ فِي أَنْ يُقَدِّمَ الْإِنْسَانُ لِنَفْسِهِ تَوْبَةً نَاصِحَةً وَرَجْعَةً صَادِقَةً، يَغْسِلُ بِهَا مَاضِيَ دُنْيَاهُ وَيَسْتَقْبِلُ بِهَا مَوْعِدَ أُخْرَاهُ؛ قَالَ تَعَالَى: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[النُّورِ: 31].

قَطَعْتَ شُهُورَ الْعَامِ لَهْوًا وَغَفْلَةً *** وَلَمْ تَحْتَرِمْ فِيمَا أَتَيْتَ الْمُحَرَّمَا

فَلَا رَجَبًا وَافَيْتَ فِيهِ بِحَقِّهِ *** وَلَا صُمْتَ شَهْرَ الصَّوْمِ صَوْمًا مُتَمَّمَا

وَلَا فِي لَيَالِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ الَّذِي *** مَضَى كُنْتَ قَوَّامًا وَلَا كُنْتَ مُحْرِمَا

فَهَلْ لَكَ أَنْ تَمْحُو الذُّنُوبَ بِعَبْرَةٍ *** وَتَبْكِي عَلَيْهَا حَسْرَةً وَتَنَدُّمَا

وَتَسْتَقْبِلَ الْعَامَ الْجَدِيدَ بِتَوْبَةٍ *** لَعَلَّكَ أَنْ تَمْحُو بِهَا مَا تَقَدَّمَا

اللَّهُمَّ اجْعَلْ خَيْرَ أَعْمَالِنَا خَوَاتِيمَهَا، وَخَيْرَ أَيَّامِنَا يَوْمَ نَلْقَاكَ.

اللَّهُمَّ أَصْلِحْ وُلَاةَ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ وَوَفِّقْهُمْ لِهُدَاكَ، وَاجْعَلْ عَمَلَهُمْ فِي رِضَاكَ، وَارْزُقْهُمُ الْبِطَانَةَ الصَّالِحَةَ النَّاصِحَةَ وَجَنِّبْهُمْ بِطَانَةَ الشَّرِّ وَالْفَسَادِ.

اللَّهُمَّ ارْفَعْ عَنَّا الْغَلَاءَ وَالْوَبَاءَ وَالرِّبَا وَالزِّنَى وَالْحُرُوبَ وَالْمِحَنَ وَالْفِتَنَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ.

اللَّهُمَّ أَصْلِحْ أَحْوَالَ الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ، اللَّهُمَّ ارْحَمْ مَوْتَانَا وَاشْفِ مَرْضَانَا وَعَافِ مُبْتَلَانَا.

عِبَادَ اللَّهِ: صَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى مَنْ أَمَرَكُمْ رَبُّكُمْ بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ فَقَالَ فِي مُحْكَمِ التَّنْزِيلِ: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 56]
0 تصويتات
بواسطة
خطبة الجمعة: مَا بَيْنَ عَامٍ مَضى وَعَامٍ آتٍ

الخطبة الأولى

الْحَمْدُ للهِ الرَّحِيمِ الرَّحْمَنِ، خَالِقِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ، وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، مُقَدِّرُ الأَعْمَارِ وَالآجَالِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، عَمَرَ حَيَاتَهُ بِالطَّاعَةِ وَالإِحْسَانِ، صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَعَلَى أَتْبَاعِهِ وَحِزْبِهِ إِلَى يَوْمِ يَبْعَثُ اللهُ فِيهِ الإِنْسَ وَالْجَانَّ.

أَمَّا بَعْدُ، فَيَا عِبَادَ اللهِ: اتَّقُوا اللهَ تَعَالَى الْعَزِيزَ الْغَفَّارَ، الَّذِي يُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ، وَيُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ، لأَجْلِ أَنْ تَسْتَمِرَّ حَيَاةُ الإِنْسَانِ، يَقـُولُ سُبْحَانَـه : ” وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آَيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آَيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آَيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا (12) الاسراء ” فَالزَّمَانُ – يا عِبَادَ اللهِ – ظَرْفٌ لأَعْمَالِ الْعِبَادِ، يُقَدِّمُونَهَا إِلَى اللهِ جَلَّ وَعَلا رَاجِينَ بِهَا الزُّلْفَى لَدَيْهِ، فَالنَّهَارُ لَهُ مَا يُلائِمُهُ مِنْ نَشَاطٍ وَعَمَلٍ، واللَّيْلُ لَهُ مَا يُلائِمُهُ مِنْ رَاحَةٍ وَسَكَنٍ، فَقَدْ وَرَدَ فِي الأَثَرِ: ))وَاعْلَمْ أَنَّ للهِ عَمَلا بِالنَّهَارِ لا يَقْبَلُهُ بِاللَّيْلِ، وَعَمَلا بِاللَّيْلِ لا يَقْبَلُهُ بِالنَّهَارِ))، وَمَنْ أَدْرَكَ الزَّمَانَ بِهَذَا الْمَعْنَى حَرَصَ عَلَى أَنْ يَمْلأَهُ بِصَالِحَاتِ الأَعْمَالِ، وَزاكِيَاتِ الْخِصَالِ، وَبِمَا يَعُودُ عَلَيْهِ بِالنَّفْعِ فِي الْعَاجِلِ وَالْمَآلِ.

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: هَا نَحْنُ نُوَدِّعُ عَامًا هِجْرِيًّا يَمْضِي بِمَا فِيهِ مِنْ حُلْوٍ وَمُرٍّ، وَمِنْ عُسْرٍ وَيُسْرٍ، وَمِنْ شِدَّةٍ وَرَخَاءٍ، وَسَقَمٍ وَعَافِيَةٍ، وَهَذَا مَوْلُودٌ يَفِدُ وَذاكَ مُوَدِّعٌ يَرْحَلُ، فَهَلا اعْتَبَرنَا بِمُضِيِّ الأَعْمَارِ، وَتَصَرُّمِ الأَوْقَاتِ، وَذَهَابِ الأَزْمِنَةِ وَالأَعْوَامِ، لِمَ لا يَبْكِي الْوَاحِدُ مِنَّا عَلَى عُمُرٍ فَاتَ لَمْ يَسْتَغِلَّهُ فِي طَاعَةِ اللهِ؟ وَلِمَ لا يَتَحَسَّرُ عَلَى فَوَاتِ زَمَنٍ مَضَى فِي غَيْرِ مَا يُرْضِي اللهَ؟ إِنَّ الزَّمانَ – يا عِبَادَ اللهِ – أَنْفَسُ مَا يَمْتَلِكُهُ الإِنْسَانُ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ، وَهُوَ السَّفِينَةُ الَّتِي تَحْمِلُهُ إِمَّا إِلَى شَطِّ الْجِنَانِ، وَإِمَّا إِلَى فُوَّهَةِ الْبُرْكانِ، عِيَاذًا بِاللهِ. وَحَسْبُنَا فِي بَيَانِ مَكَانَةِ الزَّمَانِ أَنَّ اللهَ تَعَالَى أَقْسَمَ بِهِ وَبِأَجْزَاءٍ مِنْه، وَلا يُقْسِمُ جَلَّ وَعَلا إِلا بِشَيْءٍ مُعَظَّمٍ لَدَيْهِ، قَالَ تَعَالَى: ” وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)

سورة العصر ، وَقَالَ: وَالضُّحَى (1) سورة الضحى ، وَقَالَ:” وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2) سورة الليل ” وَقَالَ: ” وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2) ” سورة الفجر ، وَخَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللهِ تَعَالَى هَذَا شَأْنُهُ حَرِيٌّ بِالْمُؤْمِنِ أَنْ يُقَدِّرَهُ حَقَّ قَدْرِهِ، وَأَنْ يَسْتَغِلَّهُ الاِسْتِغْلالَ الأَمْثَلَ الْمَحْمُودَ، وَأَنْ يُحَاسِبَ نَفْسَهُ عَلَى اللَّحْظَةِ وَالْخَطْرَةِ وَالنَّفَسِ يَتَنَفَّسُهُ فِيهِ.

عِبَادَ اللهِ: إِنَّ إفْناءَ الأَوْقَاتِ فِي طَاعَةِ اللهِ تَعَالَى هُوَ الْغَنِيمَةُ الْكُبْرَى، وَإِنَّ تَضْيِيعَهَا فِي اللَّهْوِ وَفِيمَا لا يَعُودُ بِطَائِلٍ هُوَ الْخَسَارَةُ الْعُظْمَى، وَابْتُلِينَا – يَا عِبَادَ اللهِ – بِمَنْ لا يُقَدِّرُ لِلْعُمْرِ قَدْرَهُ، وَلا يَعْرِفُ لِلزَّمَانِ مَنْزِلَتَهُ، فَمَا بَيْنَ جَوَّالٍ وَجَوَّالٍ، وَأَجْهِزَةٍ ذَكِيَّةٍ سَلَبَتْ مِنْ عُقُولِ بَعْضِ النَّاسِ الذَّكاءَ، وَجَعَلَتْهُمْ يَعِيشُونَ في غَيْرِ عَالَمِهِمْ، وَتَتَسَاقَطُ السَّاعَاتُ مِنْ أَعْمَارِهِمْ تَسَاقُطَ قَطَرَاتِ الْمَاءِ، فَلا هُمْ بِكِتَابِ اللهِ مُشْتَغِلونَ، وَلا عَلَى كُتُبِ الْعِلْمِ عَاكِفونَ، وَتُقَامُ الصَّلاةُ وَهُمْ عَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ بِهَوَاتِفِهِمْ مُلْتَهونَ، هَكَذَا تَنْقَضِي أَعْمَارُهُمْ، فَهَلْ سَيُوقِظُهُمْ مُرُورُ عَامٍ وَاسْتِقْبالُ عَامٍ؟ إِنَّ الْعَادَةَ مَتَى رَسَخَتْ فِي النَّفْسِ فَهِيَ كَالشَّجَرَةِ لا تَزَالُ تَنْمُو حَتَّى يَشُقَّ اقْتِلاعُهَا، وَمَنِ اعْتَادَ فِي لَيْلِهِ وَنَهَارِهِ عَلَى لَهْوِهِ بِهَذِهِ الْوَسَائِلِ الْحَدِيثَةِ كَانَ الْتِفَاتُهُ إِلَى مَرَاشِدِ الْقُرْآنِ وَمَا تُطَالِبُهُ بِهِ أُمَّتُهُ الْتِفَاتَ مَنْ يُنَادَى بِوَادٍ سَحِيقٍ، فَالْعَيْنُ عَلَى الشَّاشَاتِ لا عَلَى الآيَاتِ، وَالأُذُنُ فِي سَمَاعِ النَّغَمَاتِ لا سَمَاعِ التِّلاوَاتِ.

عِبَادَ اللهِ: لَقَدْ نَدَبَكَ الْقُرْآنُ لِرِسَالَةٍ سَامِيَةٍ، وَأَنْتَ غَالٍ عِنْدَ الهَِ، فَلا تُلْقِ نَفْسَكَ فِي مَرَاعِي الإِهْمَالِ، وَلا يَكُنْ حَظُّكَ الْقِيلَ وَالْقَالَ، أَيْنَ جُهْدُكَ وَمُثابَرَتُكَ؟ وَأَيْنَ اسْتِبَاقُكَ لِلأَوْقَاتِ وَالأَزْمانِ؟ كَمْ مِنْ عَامٍ يَمْضِي وَيَتْلُوهُ عَامٌ وَلا تَزَالُ صِفْرًا عَلَى الشِّمَالِ، أَتَرْضَى لِنَفْسِكَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ دُنْيَاكَ وَلا أَثَرَ خَيْرٍ لَكَ فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ، وَإِنَّمَا أَنْتَ فِيهَا مُجَرَّدُ رَقْمٍ مِنَ الأَرْقَامِ؟ أَلا تَجِدُّ فِيمَا جَدَّ فِيهِ الْفُطَناءُ وَالْعُقَلاءُ فَاكْتَسَبُوا فِي دُنْيَاهُمُ الْمَحَامِدَ وَالمَآثِرَ، وَكَانَ لَهُمْ حَمِيدُ الذِّكْرِ فِي الدُّنْيَا وَجَمِيلُ الْمَقَامِ فِي الآخِرَةِ؟ فَرَدِّدْ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ : ” وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآَخِرِينَ (84) وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ (85) ” سورة الشعراء

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: إِنَّ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللهِ تَعَالَى وَرِضْوَانٍ, يَنْظُرُ بِعَيْنِ بَصِيرَتِهِ إِلَى صَالِحِ الأَعْمَالِ لا إِلَى طَالِحِهَا لِيَبْنِيَ مَجْدًا عَلَى مَجْدٍ وَيَصْعَدَ سُلَّمَ الْعَلْيَاءِ. أَلا فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ- وَأَيْقِنُوا أَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدِ اسْتَخْلَفَكُمْ فِي الأَرْضِ لِيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ، فَلْيَأْخُذِ الْعَاقِلُ مِنْ مَاضِي أيَّامِهِ مَا يُضِيءُ لَهُ حاضِرَهُ وَمُسْتَقْبَلَهُ. ؛ فَفِي التَّارِيخِ دُرُوسٌ بالِغَةٌ وَعِظاتٌ، فَخُذُوا الْعِبَرَ مِمَّنْ غَبَرَ، وَهَذَا كِتَابُ اللهِ تَعَالَى كَمْ يَلْفِتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِلَى مَوَاقِفِ الْمُرْسَلِينَ قَبْلَهُ لِيَسْتَبْصِرَ بِهَا فِيمَا يُعَالِجُهُ مِنَ الأَحْدَاثِ الَّتِي تَشْغَلُهُ، وَالْمَوَاقِفِ الَّتِي تَمُرُّ عَلَيْهِ، يَقُولُ جَلَّ وَعَلا : ” وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (120) سورة هود ” وَاسْتَبْصِرُوا فِي تَعَامُلِكُمْ مَعَ الأَحْدَاثِ الْمُحِيطَةِ بِكُمْ بِكِتَابِ اللهِ تَعَالَى وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَوَاقِفِ عُلَمَائِكُمُ الْعَامِلِينَ.

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ ،وَأسْتَغْفِرُ اللهَ العَلِيَّ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ مِنْ كُلِّ ذنَبٍ، فَاسْتغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ إِنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ، وَادْعُوهُ يَسْتجِبْ لَكُمْ إِنهُ بَرٌّ تَوَّابٌ كَرِيْمٌ.

*** *** ***

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ للهِ، وَنَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَريكَ لَهُ، وَنَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْـبِهِ وَمَنْ وَالاهُ.

أَمَّا بَعْدُ، فَيَا عِبَادَ اللهِ: مَا أَحْوَجَ الْمُسْلِمِينَ وَهُمْ يُوَدِّعُونَ عَامًا وَيَسْتَقْبِلُونَ عَامًا جَدِيدًا إِلَى أَنْ يُجَدِّدُوا عَهْدَهُمْ مَعَ اللهِ وَكِتَابِهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِمْ، صلى الله عليه وسلم فَيَسْتَلُّوا السَّخَائِمَ وَالأَحْقَادَ مِنْ قُلُوبِهِمْ، وَيَعُودُوا إِلَى الْمَوَدَّةِ وَالصَّفَاءِ، وَالأُلْفَةِ وَالإِخَاءِ، وَيُعْطوا الأُخُوَّةَ الإِسْلامِيَّةَ مَعْنَاهَا الصَّحِيحَ، وَيُحَقِّقوها فِي حَيَاتِهِمْ عَمَلا وَواقِعًا. أَلا يَكْتَفُونَ بِمَا جَرَّ عَلَيْهِمُ التَّشَرْذُمُ مِنْ وَيْلاتٍ، وَمَا نَجَمَ عَنْهُ مِنْ التَّدَخُّلِ السّافِرِ لِلآخَرينَ فِي شُؤُونِهِمُ الدَّاخِلِيَّةِ، وَهَذَا كِتَابُ اللهِ تَعَالَى يُنْذِرُ مِنْ هَذَا بِقَوْلِهِ: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46) الانفال، وَيَقُولُ ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102) وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103) ال عمران “، وَمَا أَجْمَلَ مَقُولَةَ الْفَارُوقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ حِينَمَا قَالَ: ))نَحْنُ قَوْمٌ أَعَزَّنَا اللهُ بِالإِسْلامِ، فَإِذَا ابْتَغَيْنَا الْعِزَّةَ فِي غَيْرِهِ أَذَلَّنَا اللهُ)).

هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى إِمَامِ المُرْسَلِينَ، وَقَائِدِ الغُرِّ المُحَجَّلِينَ، فَقَدْ أَمَرَكُمُ اللهُ تَعَالَى بِالصَّلاةِ وَالسَّلامِ عَلَيْهِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ عَزَّ قَائِلاً عَلِيمًا: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56 ) الاحزاب

اللَّهُمَّ صَلِّ وسَلِّمْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ وسَلَّمْتَ عَلَى سَيِّدِنا إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيمَ، فِي العَالَمِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ، وَعَنْ أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَعَنْ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللَّهُمَّ اجْعَلْ جَمْعَنَا هَذَا جَمْعًا مَرْحُومًا، وَاجْعَلْ تَفَرُّقَنَا مِنْ بَعْدِهِ تَفَرُّقًا مَعْصُومًا، وَلا تَدَعْ فِينَا وَلا مَعَنَا شَقِيًّا وَلا مَحْرُومًا.

اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ وَالمُسْلِمِينَ، وَوَحِّدِ اللَّهُمَّ صُفُوفَهُمْ، وَأَجْمِعْ كَلِمَتَهُمْ عَلَى الحَقِّ، وَاكْسِرْ شَوْكَةَ الظَّالِمِينَ، وَاكْتُبِ السَّلاَمَ وَالأَمْنَ لِعِبادِكَ أَجْمَعِينَ.

اللَّهُمَّ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ يَا ذَا الجَلالِ وَالإِكْرَامِ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ بِكَ نَستَجِيرُ، وَبِرَحْمَتِكَ نَسْتَغِيثُ أَلاَّ تَكِلَنَا إِلَى أَنْفُسِنَا طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ، وَأَصْلِحْ لَنَا شَأْنَنَا كُلَّهُ يَا مُصْلِحَ شَأْنِ الصَّالِحِينَ.

اللَّهُمَّ رَبَّنَا احْفَظْ أَوْطَانَنَا وَأَعِزَّ سُلْطَانَنَا وَأَيِّدْهُ بِالحَقِّ وَأَيِّدْ بِهِ الحَقَّ يَا رَبَّ العَالَمِينَ، اللَّهُمَّ أَسْبِغْ عَلَيْهِ نِعْمَتَكَ، وَأَيِّدْهُ بِنُورِ حِكْمَتِكَ، وَسَدِّدْهُ بِتَوْفِيقِكَ، وَاحْفَظْهُ بِعَيْنِ رِعَايَتِكَ.

اللَّهُمَّ أَنْزِلْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ وَأَخْرِجْ لَنَا مِنْ خَيْرَاتِ الأَرْضِ، وَبَارِكْ لَنَا فِي ثِمَارِنَا وَزُرُوعِنَا وكُلِّ أَرْزَاقِنَا يَا ذَا الجَلالِ وَالإِكْرَامِ.رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ،المُسْلِمِينَ وَالمُسْلِمَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، إِنَّكَ سَمِيعٌ قَرِيبٌ مُجِيبُ الدُّعَاءِ.

عِبَادَ اللهِ : إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) النحل

اسئلة متعلقة

...