في تصنيف ثقافة إسلامية بواسطة

خطبة مؤثرة بعنوان الصلاة الصلاة - اول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة موضوع الخطبة عن الصلاة 

خطبة الجمعة مكتوبة قصيرة عن الصلاة

خطبة الجمعة :

الصلاة .... الصلاة 

عناصر الخطبة :

أولاً : الصلاة أول الأركان وأفضلها بعد التوحيد ثانياً : الصلاة فريضة الله لنبيه محمد وأمته ليلة المعراج

ثالثاً : الصلاة فريضة الله تعالى للأمم السابقة رابعاً : الصلاة أول ما يحاسِب اللهُ عليه العبدَ يوم القيامة

خامساً : الصلاة قرة عين النبي وآخر وصاياه سادساً : الصلاة صِلة بين العبد وربِّه

سابعاً : مدحُ الله للمحافظين على الصلاة ثامناً : الصلاة تكفر الذنوب والخطايا

تاسعاً : الصلاة تميزالمؤمنين من المنافقين عاشراً : إياك وترك الصلاة أو التهاون بحقها 

موضــوع الخطبة عن الصلاة 

الحمد لله الكريم المنان ، ذي الفضل والإحسان ، الذي هدانا للإيمان ، وفضَّل دِيننا على سائر الأديان .

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المنان .

وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله ، قدوة العابدين وخير القائمين للمولى الكريمِ بأمرِ الدين .

 صلوات الله وسلامه وبركاته عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعـــــــــــــــد :

جعل الله تعالى الصلاة عمادَ الدِّين ، وراحةَ القُلُوبِ , ونوراً وبرهاناً ونجاةً للمؤمنين ، من حافظ عليها كانت له من أعظم الأسباب الموصلة إلى رضا رب الأرباب ، ومن لم يحافظ عليها قامت عليه حُجَّةُ العذابِ وحُشِرَ مع المُعَذَّبينَ .

والصلاة في ميزان الإسلام هي الركن الأكبر , والدليل الأعظم على حسن التدين والإيمان .

وهي كذلك المعنى الجامع لذكر الله تعالى ، حيث قال عَزَّ مِنْ قائِلٍ : ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ﴾ , [ العنكبوت: 45 ] .

والصلاة معراج المؤمنين الروحي ، حيث يتفيؤون خلالها كلَّ يومٍ ظلال القرب من رب العالمين .

 وكانت بالنسبة لنبينا الكريم صلى الله عليه وسلم قرة العين وراحة الفؤاد ، قال صلى الله عليه وسلم: (حُبِّبَ إليَّ من دُنْياكمُ النِّساءُ والطِّيبُ وجُعِلَت قُرَّةُ عَيني في الصَّلاةِ) , (ابن الملقن في البدر المنير , وقال: إسناده صحيحٌ عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه) .

ولأهمية الصلاة , جعلها الله تعالى ديْناً مرقوماً في ذمة العبد لا يسقط بالتقادم , ولا بد من سداده فقال تعالى : ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ﴾ , [ النساء: 103] .

ومما يدل على فضل الصلاة , وأهميتها , وسرعة المثوبة إليها ما يلي :

أولاً : الصلاة أول الأركان وأفضلها بعد التوحيد

قال الله تعالى: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾ , [البينة: 5] .

وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبلٍ حين بعثه إلى اليمن: ((إنك ستأتي قومًا من أهل الكتاب، فإذا جئتَهم فادعُهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فإن هم طاعوا لك بذلك، فأخبرهم أن الله قد فرَض عليهم خمسَ صلواتٍ في كل يومٍ وليلةٍ، فإن هم طاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقةً، تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإن هم طاعوا لك بذلك، فإياك وكرائمَ أموالهم، واتقِ دعوة المظلوم؛ فإنه ليس بينه وبين الله حجاب) [ البخاري , مسلم ] 

وعن عبدالله بن مسعود قال : سألت النبيَّ صلى الله عليه وسلم: أيُّ العمل أحب إلى الله؟ قال: ((الصلاة على وقتها، قال: ثم أي؟ قال: ((ثم برُّ الوالدين))، قال: ثم أي؟ قال: ((الجهادُ في سبيل الله)) ، قال : حدَّثني بهن ، ولو استزدتُه لزادني ؛ [ البخاري ، ومسلم ] .

وعن ابن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( بُنِيَ الإسلام على خمسٍ ، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحجِّ، وصوم رمضان)) ؛ [ البخاري , مسلم ] .

وعن معاذ بن جبلٍ ، قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفرٍ، فأصبحتُ يومًا قريبًا منه ونحن نسير، فقلت : يا رسول الله ، أخبِرْني بعملٍ يدخلني الجنة ، ويباعدني عن النار , قال : (( لقد سألتَني عن عظيمٍ ، وإنه ليسيرٌ على من يسَّره الله عليه ؛ تعبد الله ولا تشرك به شيئًا ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت)) ، ثم قال: ((ألا أدلُّك على أبواب الخير؛ الصوم جُنَّة ، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل من جوف الليل)) ، قال : ثم تلا : ﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ ﴾ , حتى بلغ: ﴿ يَعْمَلُونَ ﴾ , [السجدة: 17] , ثم قال : (( ألا أخبرك برأس الأمر كله ، وعَمُوده , وذِروة سنامه ؟! )) ، قلت : بلى يا رسول الله ، قال : (( رأس الأمر: الإسلام ، وعَمُوده : الصلاة ، وذروة سنامه : الجهاد )) ، [ صحيح الترمذي للألباني ] .

قال محمد بن نصر المروزي رحمه الله : 

لا عمل بعد توحيد الله أفضلُ من الصلاة لله ؛ لأنه افتتحها بالتوحيد والتعظيم لله بالتكبير، ثم الثناء على الله ، وهي قراءة الفاتحة ، وهي حمد لله وثناء عليه وتمجيد له ، ودعاء ، وكذلك التسبيح في الركوع والسجود ، والتكبيرات عند كل خفض ورفع ، كل ذلك توحيد لله وتعظيم له ، وختَمها بالشهادة له بالتوحيد ، ولرسوله بالرسالة ، وركوعها وسجودها خشوع له ، وتواضع ، ورفع اليدين عند الافتتاح والركوع ورفع الرأس تعظيم له ، وإجلال له ، ووَضْع اليمين على الشمال بالانتصاب لله تذلُّلٌ له وإذعان بالعبودية ؛ [ تعظيم قدر الصلاة للمروزي ] .

ثانياً : الصلاة فريضة الله لنبيه محمد وأمته ليلة المعراج 

مما يدلُّ على تعظيم قدر الصلاة في الإسلام : أن الله تعالى قد افترضها على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مباشرة وبدون واسطة من الملائكة الكرام ، وذلك حينما عُرِجَ بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى سدرة المنتهى في السماء السابعة .

فعن أنس بن مالكٍ قال - وهو يتحدث عن رحلة الإسراء والمعراج - : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ففرض الله على أمتي خمسين صلاةً ، قال : فرجعت بذلك حتى أمر بموسى ، فقال موسى عليه السلام : ماذا فرض ربك على أمتك ؟ قال : قلت : فرَض عليهم خمسين صلاةً ، قال لي موسى عليه السلام : فراجِعْ ربَّك ؛ فإن أمتك لا تطيق ذلك ، قال : فراجعتُ ربي ، فوضع شطرها ، قال : فرجعت إلى موسى عليه السلام فأخبرته ، قال : راجع ربك ؛ فإن أمتك لا تطيق ذلك ، قال : فراجعت ربي ، فقال : هي خمس وهي خمسون ، لا يُبدَّل القول لديَّ ، قال: فرجعت إلى موسى فقال : راجع ربك، فقلت : قد استحييت من ربي )) ؛ [ البخاري , مسلم ] .

وفي رواية أخرى عن أنس بن مالكٍ رضي الله تعالى عنه قال : ( فُرِضَتْ على النبي صلى الله عليه وسلم ليلةَ أُسرِيَ به الصلواتُ خمسينَ ، ثم نقَصتْ حتى جُعِلَتْ خمساً ، ثم نُوديَ : يا محمدُ: إنه لا يبدّلُ القولُ لديَّ ، وإنَّ لكَ بهذهِ الخَمْس خمسينَ ) , (سنن الترمذي وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ) .

ثالثاً : الصلاة فريضة الله تعالى للأمم السابقة 

وقد أُمِرَ الأنبياء بالصلاة , وأقاموها لله رب العالمين .

عن عبد الله بن عباسٍ رضي الله تعالى عنهما , قال : قال صلى الله عليه وسلم واصفاً هيئة الأنبياء في صلاتهم : (إنَّا معشرَ الأنبياءِ ، أُمِرْنَا أنْ نعجلَ إفطارَنا ونؤخرَ سحورَنا , ونضعَ أيمَانَنا على شمائِلنا في الصلاةِ ) , (السيوطي في الجامع الصغير , وقال: حديثٌ صحيحٌ ) .

وكان أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام يدعو الله بأن يوفقه إلى إقامة الصلاة .

 قال الله تعالى حكاية عن ابراهيم:﴿ رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ ﴾ [إبراهيم: 40] . 

وكان يناشده تكثير الناس حول زوجه وولده عند البيت العتيق ليقيموا الصلاة , فقال : ﴿ رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ﴾ , [ إبراهيم: 37 ] .

ووصف الله تعالى نبيه إسماعيل عليه السلام بأنه كان من الآمرين لأهله بالصلاة .

 فقال الله تعالى : ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا * وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا ﴾ , [ مريم : 54، 55 ] .

 وعن نبي الله اسحاق ويعقوب , قال تعالى : ﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ * وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ ﴾ , [ الأنبياء : 72-73 ] . 

كما وصف قومُ شعيبٍ عليه السلام نبيَّهم بأنه من أهل الصلاة حين قالوا : ﴿ يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ ﴾ , [ هود : 87] .

وقد نادى الله تعالى على نبيه الكليم موسى عليه السام آمراً إياه قائلاً : ﴿ وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى * إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ﴾ , [ طه : 13، 14 ] . 

وأوحى إليه وأخاه هارون عليه السلام بإقامة الصلاة أيضاً فقال تعالى: ﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ , [ يونس : 87 ] .

 ومن كلام سيدنا عيسى عليه السلام حينما تكلم في المهد قال : ﴿ قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ﴾ , [ مريم : 30، 31 ] .

تابع قراءة الخطبة كاملة على مربع الاجابة اسفل الصفحة 

2 إجابة

0 تصويتات
بواسطة
 
أفضل إجابة
يتبع الخطبة الحث على الصلاة

رابعاً : الصلاة أول ما يحاسِب اللهُ عليه العبدَ يوم القيامة

عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته ، فإن صلَحت فقد أفلح وأنجح ، وإن فسَدت فقد خاب وخسِر، فإن انتقص من فريضته شيء ، قال الرب عز وجل : انظروا هل لعبدي من تطوعٍ ؟ فيكمل بها ما انتقص من الفريضة ، ثم يكون سائر عمله على ذلك )) ؛ [ صحيح الترمذي ] .

خامساً : الصلاة قرة عين النبي وآخر وصاياه

عن أنسٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((حُبِّب إليَّ من الدنيا : النساء ، والطِّيب ، وجُعِل قرة عيني في الصلاة )) ؛ [ صحيح النسائي للألباني ] .

وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، قال : كان آخر كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((الصلاةَ الصلاةَ ، اتقوا الله فيما ملكَتْ أيمانُكم )) ؛ (صحيح أبي داود للألباني ) .

سادساً : الصلاة صِلة بين العبد وربِّه

عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( مَن صلَّى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن ، فهي خِداجٌ - ثلاثًا - غيرُ تمام )) ، فقيل لأبي هريرة : إنا نكون وراء الإمام ؟ فقال: اقرأ بها في نفسك ؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( قال الله تعالى : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ، ولعبدي ما سأل ، فإذا قال العبد : ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ , قال الله تعالى : حمدني عبدي ، وإذا قال: ﴿ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ ، قال الله تعالى: أثنى عليَّ عبدي، وإذا قال: ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ ، قال: مجَّدني عبدي ، وقال مرَّة: فوَّض إليَّ عبدي، فإذا قال: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ , قال: هذا بيني وبين عبدي ، فإذا قال: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ , [الفاتحة:2، 7] ، قال: هذا لعبدي ، ولعبدي ما سأل)) ؛ [ مسلم ] . وعن عبدالله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى بصاقًا في جدار القِبلة ، فحكَّه ، ثم أقبل على الناس فقال : (( إذا كان أحدكم يُصلي ، فلا يبصُقْ قِبَلَ وجهه ، فإن الله قِبَلَ وجهِه إذا صلى )) ؛ [ البخاري حديث ] .

سابعاً : مدحُ الله للمحافظين على الصلاة

ومما يدلُّ على المنزلة العالية للصلاة في الإسلام , أن الله تعالى عندما مدح عباده المؤمنين ، بدأ بذِكْر الصلاة قبل أي عمل آخر!!.

 قال سبحانه : ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ ، ثم ذكرسبحانه , باقيَ الأعمال ، وختَمها بذكر المحافظة على الصلاة ؛ فقال جل شأنه :﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ , [ المؤمنون: 1 - 11] .  

وقال سبحانه مادحاً أهل الصلاة : ﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ ﴾ , [المعارج: 19 - 23] .

ثامناً : الصلاة تكفر الذنوب والخطايا

ومن مثوبة الصلاة العظمى أنها كفارةٌ من الذنوب والآثام.

 قال عمرو بن سعيد بن العاص : ( كنتُ عند عثمانَ , فدعا بطَهورٍ فقال : سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يقول: ما منِ امرئٍ مسلمٍ تحضرهُ صلاةٌ مكتوبةٌ فيُحسنُ وضوءَها وخشوعَها وركوعَها إلا كانتْ كفارةً لما قبلها منَ الذنوبِ ما لمْ يؤتِ كبيرةً وذلكَ الدهرَ كلَّهُ) , (صحيح مسلم ) .

وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه , أنه سمع النبي الكريم صلى الله عليه وسلم يقول : (أرأيتُم لو أن نهرًا بباب أحدِكم يغتسل فيه كلَّ يوم خمسًا , ما تقول ذلك يبقي من دَرَنه ؟ قالوا : لا يُبقي من درنِه شيئًا ، قال: فذلك مثلُ الصلواتِ الخمسِ، يمحو اللهُ بها الخطايا) , (صحيح البخاري ) .

تاسعاً : الصلاة تميزالمؤمنين من المنافقين

والصلاة هي العمل الذي يميِّزالمؤمنين من المنافقين في الدنيا والآخرة

أما في الدنيا، فإن الصلاة ثقيلةٌ على المنافقين !.

 قال سبحانه: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ , [النساء: 142] .

وعن أبي هريرة قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( ليس صلاة أثقل على المنافقين من الفجر والعِشاء ، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوًا ، لقد هممت أن آمر المؤذِّن فيقيم ، ثم آمر رجلًا يؤم الناس ، ثم آخذ شعلًا من نارٍ فأُحرِّقَ على من لا يخرج إلى الصلاة بعدُ )) ؛ [ البخاري , مسلم ] .

وأما في الآخرة فإن المنافقين لا يستطيعون السجود إذا أُمِروا به ! .

 قال تعالى : ﴿ يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ * خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ ﴾ , [ القلم: 42، 43 ] .

وعن أبي سعيدٍ رضي الله عنه ، قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ((يكشِفُ ربنا عن ساقِه ، فيسجد له كل مؤمنٍ ومؤمنةٍ ، فيبقى كل من كان يسجد في الدنيا رياءً وسمعةً , فيذهب ليسجد ، فيعود ظهرُه طَبَقًا واحدًا )) ؛ [ البخاري ].

عاشراً : إياك وترك الصلاة أو التهاون بحقها

إن منزلةَ الصلاة في الإسلام رفيعةٌ، ويدل على ذلك ما جاء في القرآن والسنَّة من التحذير الشديد من إضاعتِها والتهاون في أدائها .

لقد توعد الإسلامُ تارِكَ الصلاة بالعذاب الأليم والخسارة الكبيرة في الدنيا والآخرة، منها ولوج العذاب في النار يوم القيامة

قال الله تعالى : ﴿ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ * إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ * فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمِينَ * مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ﴾ , [ المدثر: 38 – 43 ] .

 وعن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : (أنه ذكر الصلاةَ يومًا فقال : من حافظ عليها كانت له نورًا وبرهانًا ونجاةً يومَ القيامةِ ، ومن لم يحافظْ عليها لم يكن له نورٌ ولا برهانٌ ولا نجاةٌ، وكان يومَ القيامةِ مع قارونَ وفرعونَ وهامانَ وأُبيِّ بنِ خلفٍ) , ( الدمياطي في المتجر الرابح , وقال: إسناده صحيحٌ ) .

وإنما حُشِرَ مع هؤلاءِ : لأنه إن اشتغل عن الصلاة بماله أشبه قارون فيحشر معه ، أو بملكه أشبه فرعون فيحشر معه، أو بوزارته أشبه هامان فيحشر معه ، أو بتجارته أشبه أبي بن خلف تاجر كفار مكة فيحشر معه , (الإمام ابن حجر الهيتمي / الزواجر عن اقتراف الكبائر ) .

وعن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه قال: (أوصاني النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ بتِسعٍ لا تشرِكْ باللَّهِ شيئًا ولو قُطِّعتَ أو حُرِّقتَ بالنَّارِ ولا تترُكِ الصَّلاةَ متعمِّدًا فإنَّهُ من ترك الصَّلاةَ متعمِّدًا برئِتْ منهُ ذمَّةُ اللَّهِ...) , (ابن حجر العسقلاني في الأمالي المطلقة , وقال: إسناده حسن وهو قويٌّ بشواهده وأخرجه البخاري في الأدب المفرد باختلافٍ يسيرٍ) .

وعلى ذلك سار الصحابة دوماً في رياض هذه العبادة حتى آخر الأرماق من الحياة ، فعن عروة بن الزبير بن العوام رضي الله عنه قال: (أنَّ المِسْوَرَ بنَ مَخْرَمَةَ دخلَ على عمرَ بنِ الخطابِ رضي الله عنه من الليلةِ التي طُعِنَ فيها فأَيْقَظَ عمرَ لصلاةِ الصبحِ , فقال عمرُ نعم ولا حَظَّ في الإسلامِ لمن تركَ الصلاةَ فصلَّى عمرُ وجُرْحُهُ يَثْعَبُ دمًا ) , (الألباني في إرواء الغليل , وقال: إسناده صحيحٌ على شرط الشيخين) .

ومن البلاء الواقع في حياة البعض أنهم يتهاونون في إقامة الصلاة على الدوام !.

 قال الله تعالى : ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾ , [مريم: 59] قال ابن عباسٍ رضي الله تعالى عنهما : ’’ ليس معنى أضاعوها تركوها بالكلية !,ولكن أخروها عن أوقاتها ’’ .

وقال سعيد بن المسيب إمام التابعين رحمه الله : هو أن لا يصلي الظهر حتى يأتي العصر , ولا يصلي العصر إلى المغرب , ولا يصلي المغرب إلى العشاء , ولا يصلي العشاء إلى الفجر , ولا يصلي الفجر إلى طلوع الشمس ، فمن مات وهو مُصِرٌّ على هذه الحالة ولم يتب وعده الله بِغَيٍّ , وهو وادٍ في جهنم بعيد قعره , خبيثٌ طعمه .

 وقال تعالى في آيةٍ أخرى : ﴿ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ﴾ , [الماعون: 4 ، 5] .

 أي : غافلون عنها متهاونون بها ، ولما تهاونوا بها وأخروها عن وقتها وعدهم بويل , وهو شدة العذاب .

 وقيل (ويل ) : ’’ هو وادٍ في جهنم لو سيرت فيه جبال الدنيا لذابت من شدة حره ، وهو مسكن من يتهاون بالصلاة ويؤخرها عن وقتها إلا أن يتوب إلى الله تعالى ويتوب على ما فرط ,’’ ( الإمام الذهبي / الكبائر ) .

وعجباً لأولئك : الذين شغلتهم الشواغل في دروب المناشط الدنيوية , من التجارة والعمل , أو التكاسل , والتشاغل عن الطاعة بمصالح الأبناء والبنات , فتركوا الصلاة وصاروا في أحوالهم أشباه الخارجين عن الإسلام !.

 قال الله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ , [ المنافقون: 9] .

 بينما تثاقل البعض عن إقامتها في أوقاتها حسب أوامر الشرع الحنيف وعليهم من العذاب كفلٌ لا يُطاق !.

عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه , أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : (... أتَى على قومٍ ترضخُ رؤوسُهم بالصَّخرِ كلَّما رضخت عادت كما كانت ولا يفترُ عنهم من ذلك شيءٌ , قال : يا جبريلُ من هؤلاء , قال : هؤلاء الَّذين تثاقلت رؤوسُهم عن الصَّلاةِ...) (المنذري في الترغيب والترهيب , بسند حسن أو صحيح أو ما يقاربهما )

اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنْ مُقِيمِي الصَّلَاةِ وَذُرِّيَاتِنَا وَجَمِيعَ الْـمُسْلِمِينَ

هذا وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه
0 تصويتات
بواسطة
خطبة عن الصلاة

أيها الأحبة: حديثنا اليوم عن

فريضة ليست مرتبطة بموسم كالحج أو الصوم في رمضان، ولا موقوفة على مناسبة ليست في العمر مرة ولا في العام مرة، لكنها في اليوم والليلة خمس مرات مفروضة على كل مسلم مكلف غني وفقير، صحيح ومريض، ذكر وأنثى، مسافر ومقيم، في الأمن والخوف، لا يستثنى منها مسلم مكلف، ما عدا الحائض والنفساء

هي ركن الدين وعموده؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: "لا دين لمن لا صلاة له".

ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة

وكان أصحابه صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة

نقول ذلك مع الأسف ونحن نرى بعض الناس يتهاونون بالصلاة بعدم أدائها -عياذا بالله- مما يوصلهم للكفر، أو بعضهم بجمع الصلوات، إلى آخر الليل؛ كما يفعله بعض العمالة، إما بإهمال بعض فروضها، أو عدم معرفة أركانها وواجباتها كذلك وشروطها، وهذا حال الكثيرين لا يعرفون تلك الأركان والواجبات والشروط.

 ومن أراد أن يحاسب نفسه صادقا، فليتفقد نفسه في صلاته، صلاته التي تنهاه عن الفحشاء والمنكر، فمن ضيعها فهو لما سواها أضيع.

  ومن أجل هذا فإنها أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة فإن قبلت قبل سائر العمل، وإن ردت رد سائر العمل

وهي آخر ما أوصى به النبي –صلى الله عليه وسلم- أمته، وهو على فراش الموت يحتضر مناديا: "الصلاة الصلاة، وما ملكت أيمانكم

والصلاة لم يرخص في تركها، لا في مرض، ولا في خوف، بل إنها لا تسقط حتى في أحرج الظروف، وأشد المواقف في حالات الفزع والقتال

قال الله تعالي

حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ

يأمر الله بالصلاة جماعة حتى في حال الخوف، أما المريض والمضطر فليصل قائما، فإن لم يستطع فقاعدا، وإن لم يستطع فعلى جنب، وإن عجز عن شروطها من الطهارة، وستر العورة، واستقبال القبلة، صلى بلا طهارة، وبلا ستر عورة، وإلى غير قبلة، فالصلاة لا تسقط بحال ما دام العقل موجودا

الصلاة –إخوتي- أكثر الفرائض ذكرا في القرآن، وإذا ذكرت مع سائر الفرائض قدمت عليها.

لا يقبل الله ممن تاركها صوما ولا حجا، ولا صدقة،

ولا أي عمل من الأعمال حتى يؤديها.

  الصلاة هي فواتح الخير وخواتمه

وهي من صفات المؤمنين:

 قال الله تعالي

(قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ)المؤمنون:أول صفة:

(الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ

ثم استعرض الله صفاتهم، ثم ختم تلك الصفات، فقال سبحانه: (وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ

الصلاة

صلة بين العبد وربه، لذة ومناجاة تتقاصر دونها جميع الملذات، نور في الوجه والقلب، صلاح للبدن والروح، تطهر القلب تكفر السيئات، تنهى عن الفحشاء والمنكر: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ

الصلاة

جالبة للرزق والبركة:

قال الله تعالي وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا

لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى

أنظرو ياعباد الله كيف كان

 حرص سلفنا الصالح على التبكير إلى الصلوات

 قال ربيعة بن يزيد :

 ما أذن المؤذن لصلاة منذ أربعين سنة إلا وأنا في المسجد إلا أن أكون مريضًا أو مسافرًا."

 وقال وكيع بن الجراح: كان الأعمش قريبًا من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى."

ونقل ابن سعد عنه أنه قال: ما سمعت تأذيناً في أهلي منذ ثلاثين سنة."

 وبعض السلف لم تفته التكبيرة الأولى مع الإمام إلا في يوم واحد منذ أربعين سنة ولعذر ، فقد قال ابن سماعة : مكثت أربعين سنة لم تفتني التكبيرة الأولى إلا يوم ماتت أمي."

 وقال سعيد بن المسيب: ما فاتتني التكبيرة الأولى منذ خمسين سنة وما نظرت في قفا رجل في الصلاة منذ خمسين سنة."

 وقال عدي بن حاتم :

ما جاء وقت الصلاة إلا وأنا إليها بالأشواق، وما دخل وقت صلاة قط إلا وأنا لها مستعد."

وذكر الحافظ الذهبي عنه أنه قال :

ما أقيمت الصلاة منذ أسلمت إلا وأنا على وضوء ."

وقال سفيان بن عيينة: إن من توقير الصلاة أن تأتي قبل الإقامة.

 وهذا إبراهيم بن ميمون المروزي أحد الدعاة المحدثين الثقات من أصحاب عطاء بن أبي رباح، وكانت مهنته الصياغة وطرق الذهب والفضة ، قال ابن معين: كان إذا رفع المطرقة فسمع النداء لم يردّها."

 وقد حث سفيان بن عيينة على السير إلى الصلاة حتى قبل النداء فقال: لا تكن مثل عبد السوء لا يأتي حتى يدعى ائت الصلاة قبل النداء."

 وإذا كان هذا ما عرفناه من اهتمامهم بالصلاة وبتكبيرة الإحرام خصوصًا، فلا غرابة إذا قال إبراهيم النخعي: إذا رأيت الرجل يتهاون بالتكبيرة الأولى فاغسل يديك منه."

 وسئل أحد الصالحين:

لماذا تذهب للمسجد قبل الأذان ؟

قال: الأذان لتنبيه الغافلين وأرجو أن لا أكون منهم.

 هذه بعض الصور من حرص أولئك السلف على التبكير إلى الصلاة وإدراك التكبيرة الأولى ، فكيف كانت أحوالهم إذا فاتت أحداً منهم صلاة الجماعة مع شدة عنايتهم بها واستعدادهم لها ؟

 قال قاضي الشام سليمان بن حمزة المقدسي: لم أصل الفريضة منفردًا إلا مرتين وكأني لم أصلهما قط، مع أنه قارب التسعين. "

 

وكانوا يتألمون لفوات هذا الخير العظيم والأجر الجزيل

 قال محمد بن المبارك الصوري: كان سعيد بن عبد العزيز إذا فاتته صلاة الجماعة بكى. "

 ولم تكن صلاة الجماعة تعدل عندهم شيئًا من أمور الدنيا التي أصبحنا نلهث وراءها وربما نؤخر الصلاة من أجلها، فقد أتى ميمون بن مهران المسجد فقيل له: إن الناس قد انصرفوا فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، لفضل هذه الصلاة أحب إلي من ولاية العراق"

 

أين نحن -عباد الله- من حال أهل الفلاح حين يناديهم منادي الصلاة والفلاح: أين هؤلاء من مصلٍ لا يدري أخمس صلى أم أربع؟ تسلط عليه الشيطان، ينتقل من واد إلى واد، ومن هم إلى هم، يقوم إلى صلاته وقلبه بغير الله متعلق، وفكره بسواه مشغول، يحرك لسانه بما لا يعي قلبه

فيا حسرة من ضيع صلاته

ما أعظم خيبته وما أشد غفلته! أما سمع قول الله تعالى مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ

يسمع مناد الصلاة والفلاح ثم يدبرقال الله تعالي

فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى * وَلَكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى * ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى * أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى * ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى

وقال تعالي

وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ

أخي المقصر في صلاته: قد علمت أن التكاسل والتهاون، وقلة الذكر صفات للمنافقين: قال الله تعالي __ (يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً

عباد الله الا نستحي من انفسنا

صفارة حكم تتعلق بها قلوب ملايين من المسلمين

وآذان مؤذن ماتعلق بيه الا صف

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
بواسطة
الخطبة الثانية



أيها المسلمون: الصلاة عمود الإسلام وركنه، من أدى حقها، وأتم ركوعها وسجودها وخشوعها كانت قرة عينه، وحلاوة قلبه، وانشراح صدره، قال صلى الله عليه وسلم: "خمس صلوات كتبهن الله على العباد، فمن جاء بهن ولم يضيع منهن شيئا استخفافا بحقهن، كان له عند الله عهدا أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة".



ومن المحافظة عليها: إتمام أركانها وشروطها، وواجباتها، والطمأنينة فيها، واجتناب مسابقة الإمام، أو المقارنة في أفعاله.



ومن المحافظة عليها: أمر الأهل بها والأقربين، وبخاصة من تحت يده من الأولاد، والأخذ على يد المفرط منهم: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا)[طه: 132].



بعض الناس يواظب على الصلاة، يحرص عليها، لكنه لا يهتم بأهله، لا يهتم بصلاة البنات، ولا صلاة الأبناء، حتى الصبي الذي لم يبلغ يؤمر بها: "مُرُوا أَبْنَاءَكُمْ بِالصَّلاَةِ لِسَبْعٍ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشْرٍ".



فأين نحن من سلفنا الصالح حين كان يؤتى الرجل إلى المسجد يهادى بين الرجلين؟ أين أنت من نداء المؤذن: حي على الصلاة، حي على الفلاح؟.



قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "من سره أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات الخمس حيث ينادى بهن".



وكما قال صلى الله عليه وسلم: "من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله، ومن صلى الفجر في جماعة فهو في عصمة الله حتى يمسى".



والإنسان إذا نام من الليل ضرب عليه الشيطان ثلاث عقد، فإذا استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، ثم إذا توضأ انحلت عقدة، ثم إذا صلى الفجر في جماعة انحلت عقده كلها، فأصبح نشيط النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلانا.

اعلموا -يا عباد الله-: أن خير أعمالكم الصلاة، ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن.



وأحب الأعمال إلى الله الصلاة على وقتها، فاتقوا الله -رحمكم الله-، وحافظوا عليها:

قال الله تعالي __ وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ

عباد الله:

يقول صلى الله عليه وسلم: "أرأيتم لو أن نهرًا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه شيء؟" قالوا: لا يبقى من درنه شيء، قال: "فذلك مثل الصلوات الخمس؛ يمحو الله بهن الخطايا



ألا فاتقوا الله، واستقيموا على أمره، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة، ولا يحافظْ على الوُضوء إلا مؤمن، وأحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ الصلاةُ على وقتها

بذلك صح الخبر عن نبينا - صلى الله عليه وسلم

 إنها الصلاة -عباد الله- التي توفي صلى الله عليه وسلم، وهو يوصي بها، فلنحرص على أدائها بخشوع وطمأنينة.



نسأل الله أن يجعلنا من عباده المصلين الراكعين الساجدين الخاشعين.



اللهم ارزقنا المحافظة على هذه الصلوات حيث يُنادى لها. اللهم ارزقنا فيها الطمأنينة والخشوع. اللهم ارزقنا فيها الإقبال عليك، والخضوع بين يديك. اللهم تكرم علينا بالقبول والمغفرة.

وأقم الصلاة ۖ إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ۗ ولذكر الله أكبر ۗ والله يعلم ما تصنعون

اسئلة متعلقة

...