تعريف الخطبة وحكمها شرعا وقانون في القانون الجزائري
تعريف الخطبة لغة واصطلاحاً
تعريف الخطبة وحكمها في القانون الجزائري
المقصود بالخطبة وحكمها شرعا وقانونا
مرحباً بكم متابعينا الأعزاء طلاب وطالبات العلم في موقعنا النورس العربي منبع المعلومات والحلول الذي يقدم لكم أفضل الأسئله بإجابتها الصحيحه من شتى المجالات التعلمية من مقرر المناهج التعليمية والثقافية ويسعدنا أن نقدم لكم حل السؤال الذي يقول........ تعريف الخطبة وحكمها شرعا وقانونا
وهي كالتالي
تعريف الخطبة وحكمها شرعا وقانونا
لقد تعرّض الفقهاء إلى تعريف وحكم الخطبة، فاعتبروا الخطبة مجرّد وسيلة للتعارف بين الخاطبين، وأنّها إظهار الرّغبة والتّعبير عن إرادة الزّواج، وأنّها ليست ملزمة، ولا تنشئ أيّ حقّ، أو أثر بين طرفيها، يجوز إلغاؤها في أيّ وقت بعذر ودون عذر، من أيّ طرف في أيّ وقت، لا ينشأ عنها أيّ حكم بل يظلّ الخاطبان غريبان عن بعضهما، ولا ينشأ بينهما أي صلة، إلاّ مجرد التعارف والتآلف والتّقارب، ولا تجوز الخلوة.
ولتحديد معنى الخطبة شرعا وبيان حكمها الشّرعيّ والقانونيّ يقسم هذا المبحث إلى مطلبين، يخصّص أوّلهما لتعريف الخطبة شرعا وقانونا، وثانيهما لبيان حكم الخطبة في الفقه وقانون الأسرة.
المطلب الأوّل : تعريف الخطبة شرعا وقانونا
- هناك تعريف لغوي وآخر فقهيّ، والتعريفان مشتقان من معنى واحد متقارب.
- الخطبة لغة : إظهار الرّغبة وإبدائها في الزّواج من امرأة تحلّ شرعا للخاطب، وتكون خالية من الموانع الشّرعية المؤبّدة أو المؤقّتة.
الخطبة إصطلاحا : تعرف الخطبة بأنّها الرغبة في الزّواج والتّعبري عن الإرادة تعبيرا صريحا بالكلام أو الكتابة أو الإشارة، ولمن لا يحسن التّعبير أو إظهارها ضمنيا بالوسائل المعروفة والمستعملة في التعبير عن الإرادة، حسب الأعراف، وقد تكون الخطبة مباشرة من المعنيّ رجل أو امرأة، أو بالنيابة عن طريق اختيار وكيل يرسل نيابة عن الخاطب أو الطّرفين، ويتفق الفقهاء على تعريف الخطبة اصطلاحا ويتقاربون في تحديد المعنى، وفي ما يلي استعراض التعاريف الفقهية :
- تعريف الحنفية :
يعرّف الحنفية الخطبة بأنّها إظهار الرّغبة وإبدائها في الزواج ممن تحلّ شرعا بكلّ ما يفيد التعبير عن الإرادة من وسائل التّعبير، فيقول ابن عابدين الحنفي رحمه الله عن الخطبة: ( أنّها طلب التّزوج ولا يتعيّن لها ألفاظ مخصوصة )، فهذا تعريف الحنفية للخطبة، وهي إظهار الرّغبة أو طلب الزّواج دون ألفاظ معينة، لأنّها تعبير عن الإرادة بكلّ الوسائل المباشرة وغير المباشرة المستعملة في التعبير ).
- تعريف المالكية :
وقد عرف فقهاء المذهب المالكي الخطبة بأنّها إبداء الرّغبة صراحة أو ضمنا بالوسائل المعروفة في التعبير عن الإرادة شرعا، فقد جاء تعريف الخطبة في كلّ من مواهب الجليل، ومنح الجليل بأنّها " استدعاء النّكاح، وما يجري من المجاورة " أو هي :" التماس النّكاح من الزّواج، أو الوليّ، لإجابته أو الاعتذار".
وقال الخرشيّ رحمه الله في حاشيته أيضا : " هي التماس النّكاح أو التزويج، والمحاورة عليه، ومثل أن يقول فلان يخطب فلانة، أو غير صريح كبريد الاتصال بكم، أو الدّخول في زمرتك ".
فالخطبة عند الحنفية والمالكية شيء واحد، وهو طلب الزّواج أو إظهار الرّغبة في الزّواج والتزويج من شخص، أو أسرة معيّنة، تحلّ شرعا، وتكون بألفاظ صريحة، أ ضمنيّة يعبر بها الخاطب، أو وليّه عن إرادة الزّواج، ويجيب الطّرف الآخر بالقبول، أو الرّفض، أو الاعتذار عن القبول.
- تعريف الشّافعية :
وقد عرّف فقهاء الشّافعية الخطبة بما لا يخرج عن التّعاريف لسّابقة، فقال الرّملي رحمه الله في نهاية المحتاج إلى ألفاظ المنهاج " الخطبة هي التماس النّكاح تصريحا وتعريضا، ويحرم خطبة المنكوحة إجماعا".فالفقه الشّافعيّ يعتبر الخطبة هي الرّغبة في النّكاح، وإظهار هذه الرّغبة بالتّعبير عن الإرادة تعبيرا صريحا أو ضمنيا، حيث يكون مفهوما بشرط أن لا تكون المخطوبة محرمة مؤقتة أة مؤبّدة، وأن طلب النّكاح بوجه مباشرة إلى المخطوبة، ويقصدها الخاطب بالطّلب أو الكلام المتضمّن إظهار الرّغبة في النّكاح، حيث تقبل طلبه أو ترفضه.
- تعريف الخطبة في القانون :
وقد جاء في قانون الأسرة تعريف الخطبة بما لا يخالف التّعاريف الفقهيّة، حيث اعتبرها القانون " وعد بالزّواج غير ملزم " ففي المادّة 5 من قانون الأسرة صرّحت " بأنّ الخطبة وعد بالزّواج، ولكلّ من الطّرفين حق العدول عنها " فهي وعد غير ملزم لأطرافه، ولا ينشأ عنها أيّ حقّ، ولا تلزم، بل يجوز العدول عنها ".
المطلب الثّاني : حكم الخطبة شرعا وقانونا
- اعتبر الفقهاء مستحبّة ومندوبة وليست واجبة، وأنّه يجوز العدول عنها في أيّ وقت، ولا يترتي عنها أي حكم شرعيّ أو فقهيّ لأنّها مرحلة تعارف، وتآلف، ولا تنشأ أي حقّ من الحقوق الزّوجية النّاشئة عن العقد الصّحيح،
ففي حاشية الخرشي في الفقه المالكيّ : " وتستحبّ الخطبة "،
وقال الماوردي من الشّافعية: " أعلم أنّ خطبة النّكاح قبل الخطبة "،
وقال الماوردي رحمه الله من الشّافعية : " أعلم أنّ خطبة سنة مستحبّة وليست واجبة "،
وقال أيضا الإمام النوويّ رحمه الله في المجموع: " ويستحبّ أن يخطب قبل العقد ".
فالخطبة عند الفقهاء تعدّ سنّة مستحبّة و تصل إلى درجة الوجوب والإلزام، إلاّ أنّ بعض فقهاء الظّاهرية اعتبرها واجبة
كما نقل الماوردي عن داود الظّاهري " أنّها واجبة، وأنّها عمل مقبول،
قد اتّفق عليه أهل الأعصار في جميع الأمصار فكان اجماع لا يسوغ خلافه، ولأنّ ما وقع به الفرق بين ما يستتر به من الزنا ويعلن من النّكاح، كان واجبا في النّكاح كالوليّ والشّهود ".فالظّاهريّة يعتبرون الخطبة وسيلة للعقد، وهي واجب فتحكم حكمه، وهو قياس ونظر، ولهذا ردّه الماورديّ بدليل أقوى وحجّة أوضح فقال: " والدّليل على صحّة ما ذهبنا إليه من استحبابها دون وجوبها، هو قول جمهور الفقهاء لقوله تعالى: ﴿ فانكحوهن بإذن أهلهنّ ﴾ فجعل الإذن شرطا دون الخطبة، وفي إجماعهم على صحّة النّكاح، مع تركها دليل على استحبابها دون وجوبها، ولأنّ النّكاح عقد فلم تجب فيه الخطبة كسائر العقود، ولأنّ الخطبة لو وجبت لبطل النّكاح بتركها ".
فالخطبة عند جمهور الفقهاء تعد أمرا مستحبا وليست واجبا، والدّليل هو جواز إبرام عقد الزّواج دون خطبة، فيصحّ الزّواج ولا يبطل، ممّا يؤكّد سنيّتها واستحبابها،
كما أنّها غير ملزمة، إذ يجوز العدول عنها في أيّ وقت، من أيّ طرف، كما قال ابن قدامة في المغني: " وإنّ إجابته، ثمّ رجعت عن الإجابة وسخطته، زال حكم الإجابة، لأنّ لها الرّجوع، وكذلك إذا رجع الوليّ المجبر عن الإجابة زال حكمها، ما لم يقع العقد، وإن ترك الخاطب الخطبة، أو أذن لغيره جازت الخطبة ".
فالخطبة في نظر الفقهاء مجرّد وعد غير ملزم، لأنّ الوعد لا يلزم في العقود، ومن ثمّ أخذت الخطبة هذا الحكم، واعتبرت وعدا غير ملزم لأيّ طرف، وهذا ما جاء في قانون الأسرة، حيث أخذ برأيّ الفقهاء في اعتبار الخطبة غير ملزمة، وأنّه يجوز العدول عنها، كما في المادّة الخامسة منه، وهو ما جاء صريحا أيضا في المغني من الفقه الحنبلي، وغيره وقررته محكمة النّقض المصريّة، وهو اتفاق شرعيّ وقانونيّ بعضه من بعض، وأحدهما دعم للآخر،
ففي المغني لابن قدامة الحنبليّ " فإنّ رجعا عن ذلك لغير سبب أو غرض كره، لما فيه إخلاف الوعد، والرّجوع عن القبول ولم يحرم ". فهو يعتبر الخطبة وعدا غير ملزم يجوز العدول عنها لسبب أو لغير سبب، فإن لم يوجد مبرر اعتبرت مكروهة، ولا تحرم، وهو نفس الحكم المقرر في القضاء المصريّ حيث قررت محكمة النّقض المصرية في أحد الأحكام أن الخطبة " ليست إلاّ تمهيدا لعقد الزّواج، ووعدا به، وأنّ هذا الوعد لا يقيّد أحدا، من المتواعدين، فلكلّ منهما أن يعدل عنه في أيّ وقت شاء خصوصا أنّه يجب أن يتوافر في هذا العقد كامل الحريّة للمتعاقدين "، فهذا هو حكم الخطبة الشرعي والقانونيّ، وهو أنّها مستحبّة ومندوبة، ووعد غير ملزم، فيجوز العدول عنها لأيّ من الطّرفين في أيّ وقت، وأنّها تمهيد لعقد الزّواج ووسيلة له وليست شيئا من العقد ولا ترقى أن تصل إلى مرتبته وقوّته الإلزاميّة،
كما يقول الأستاذ أبو زهرة رحمه الله: " الخطبة ليست إلاّ وعدا بالعقد، والوعد لا يرقى إلى مرتبة العقد، ولا له قوة العقد وإلزامه، حتّى على رأي الفقهاء القائلين أنّ الوعد ملزم لإنشاء العقد، وذلك لتتوافر حرية الاختيار كاملة، وأنّ ذلك من مصلحة المجتمع، ومن مصلحة المتعاقدين، لأنّ الزّواج عقد حياة، والتروّي فيه أمر ضروريّ، ولو ألزم الخاطب بخطبته لكان في ذلك حمل له على العقد، قبل أن تتوفّر كلّ لأسباب الدّرس والتّمحيص ".
فهذا تعليل وتبرير فقهي وشرعيّ لعدم لزوم الخطبة وأنّها تظلّ مجرد أداة تعارف، وتآلف وتقارب بين الخاطبين، وأنّها وعد غير ملزم لأيّ طرف، ولا ترقى إلى درجة الإلزام، حماية للنّاس من عدم التروّي والتفكير والتبصّر، والبحث عن المصلحة وأنّ الحياة الزوجيّة لا بدّ أن تبنى على التأنّي والتفكير وحسن التقدير، وهذا لا يكون ناشئا عن الخطبة فقط، وإنّما يتحقّق بعد الخطبة، وهي مرحلة العقد.