في تصنيف ثقافة إسلامية بواسطة

خطبة الجمعة بعنوان(قصة شهر رجب مع صلة الرحم) خطبة استرشادية عن صلة الأرحام وفضل صلة الرحم في رجب 

خطبة الجمعه مكتوبة مع الدعاء عن صلة الرحم في الاشهر الحرم وبالأخص في شهر رجب 

خطبة الجمعة القادمة مكتوبة بعنوان استقبال شهر رجب فضل شهر رجب 

موقع منابر الخطباء 

مرحباً بكم متابعينا الأعزاء في موقع النورس العربي يسرنا بزيارتكم أن نقدم مجموعة من الخطب مكتوبة من منابر الخطباء قابلة للنسخ والطبع خطب إسلامية مع أفضل الادعية كما نقدم لكم الأن خطبة الجمعة بعنوان(قصة شهر رجب مع صلة الرحم) خطبة استرشادية عن صلة الأرحام وفضل صلة الرحم في رجب

الإجابة هي كالتالي 

خطبة الجمعة بعنوان(قصة شهر رجب مع صلة الرحم)

الخطبة الأولى 

الحمد لله ثم الحمد لله الحمد لله حمداً يوافي نعمه ويكافئُ مَزيده، ياربنا لك الحمد كما ينبغي لجلالِ وجهك ولعظيم سلطانك, سبحانك اللّهم لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسِك، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدهُ لا شريك له وأشهدُ أنّ سيّدنا ونبينا محمداً عبدُه ورسولُه وصفيّه وخليله خيرُ نبيٍ أرسلَه، أرسله اللهُ إلى العالم كلٍّه بشيراً ونذيراً، اللّهم صلِّ وسلِّم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيّدنا محمد صلاةً وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم الدين، وأوصيكم أيها المسلمون ونفسي المذنبة بتقوى الله تعالى .

أمّا بعدُ فيا عباد الله ..

لقد أظلكم شهرٌ من الأشهر المتميزة بين أشهر العام، نوه بها كتاب الله سبحانه وتعالى ونبه إليها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في خطبته التي ألقاها يوم حج الوداع، نبه إلى الأشهر الحرم قائلاً: )منها ثلاث متواليات ذو الحجة وذو القعدة ومحرم ورجب شهر مضر الذي بين جمادى وشعبان(.

كان النبي صلى الله عليه وسلم ينوه بأهمية هذه الأشهر الحرم، وما سميت حرماً إلا لأن لها حرمة متميزة بين أشهر العام، وكثيراً ما تمر هذه الأشهر بالمسلمين بمختلف بلادهم وأصقاعهم دون أن يتبينوا أهميتها ودون أن يحفلوا بها، ورجب الذي أظلكم اليوم واحدٌ من هذه الأشهر. ومعنى كونها أشهراً حرماً .. أن الإنسان ينبغي أن يعلم أن القربات التي يتقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى يؤجره الله عز وجل عليها أجوراً مضاعفة، وأن الآثام والمعاصي التي يرتكبها في هذه الأشهر في جنب الله سبحانه وتعالى يعاقبه الله سبحانه وتعالى عليها عقوبات مضاعفة، هذا باختصار معنى صفة الحرام في هذه الأشهر.

وعندما نتحدث عن القربات ينبغي أن نذكر دائماً بأن أجلّ القربات تلك التي تتمثل في رعاية حقوق عباد الله سبحانه وتعالى، وعندما نتحدث عن المعاصي والأوزار ينبغي أن نعلم أن أخطر المعاصي والأوزار تلك التي يتم من خلالها إهدار حقوق الناس أو حقوق عباد الله سبحانه وتعالى، وكم قلت وذكرت بأن حقوق الله مبنية على المسامحة وحقوق العباد مبنية على المشاحة، لو أن الإنسان رحل إلى الله سبحانه وتعالى بأوزارٍ كثيرة مما بينه وبين الله سبحانه وتعالى فاحتمال مغفرتها كبيرٌ جداً، ولكن الإنسان إذا رحل إلى الله عز وجل وكيانه منطوٍ على إهدار حق من حقوق العباد أياً كانوا، فقد توعد الله سبحانه وتعالى هذا الإنسان أن لا يزحزحه عن الموقف حتى يسامحه صاحب الحق، فإن لم يسامحه صاحب الحق أُخذ من سيئات صاحب هذا الحق وطرح في سيئات هذا الذي أهدر له في دار الدنيا حقوقه. والأشهر الحرم من الأشهر التي ينبغي للإنسان أن يرعى فيها حقوق العباد وأن يعلم أن حق الله منطوٍ في حقوق العباد.

كانت إذا أهلت هذه الأشهر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأُغمدت أسلحة القتال، حتى بين المسلمين والمشركين، فما بالكم بالعلاقة السارية بين المسلمين بعضهم مع بعض، واليوم عندما نجد أن شهراً من هذه الأشهر قد أطل على المسلمين، ينبغي أن نذكر أنفسنا وأن نذكر إخواننا جميعا ًبأن يعودوا إلى وشيجة الإنسانية وعلاقاتها، أهي قائمة بينهم وبين إخوانهم على الأسس الإسلامية التي جاء بها هذا الدين الحنيف، أم هي مهتزة متلجلجة؟

ومقياس هذا أيها الإخوة أن يعود الإنسان منا إلى فؤاده وإلى قلبه، فإن وجد فؤاده باتجاه عباد الله سبحانه وتعالى سالماً وسليماً لا ينطوي على غل، لا ينطوي على حقد وضغينة، فمعنى ذلك أنه مؤدٍ لحقوق هؤلاء الناس، ولكن إذا شعر - وكل منا يعلم بنفسه - أن قلبه منطو على زغل وأن فيه نقاط سوداء اتجاه اخوانه الأباعد من المسلمين فضلاً عن الأقارب من ذوي الأرحام، فليعلم أنه محجوب عن رحمة الله سبحانه وتعالى، في أعم الأحوال عندما يركن إلى هذا الوضع الذي هو فيه، فكيف عندما يطل شهرٌ من هذه الأشهر الحرم؟

كثيرون هم أيها الإخوة الذين يتذرعون عندما تسوء العلاقة بينهم وبين إخوة لهم، أو أقارب وأرحام لهم، يتذرعون بأن لهم عذراً في ذلك ويتحدثون عن هذه الأعذار طويلاً، وكلها تصب في علاقات مالية، تصب في خلافات من أجل ميراث، تصب في خلافات من أجل نتائج شركة قامت ثم التغت وفسخت، قامت من أجل علاقات بدأت ثم لم تسير على نهجها كما كان ينبغي، علاقات من هذا القبيل يتذرع المهدرون لحقوق إخوانهم وأقاربهم وذوي رحمهم بأنهم ظُلموا وبأنهم قد أُسيء إليهم.

هذا الكلام أيها الإخوة إذا أراد صاحب هذا الحق أن يتورع وأن يحطاط لدينه فليعلم أن عليه أن يغمض العين وأن يحيل حقه من هؤلاء الذين يطالبهم به إلى الله سبحانه وتعالى، ولينفذ وصية الله سبحانه وتعالى إذ يقول فيها: )وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ(. وقال بعد ذلك: )وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ(. وأما إن لم يرد أن يحطاط لنفسه، فليلجأ إلى ميزان الشريعة وما أكثر الذين يهدرون ميزان الشريعة، ويُعرضون عن أوامر الله سبحانه وتعالى إشفاءً لغليل أفئدتهم، وسيراً وراء غرائزهم وطبائعهم، وسيراً وراء اهتياج الحفيظة التي بين جوانحهم. أكثر ما يمكن أن ترى من علاقات بين الناس وأقاربهم؛ علاقات بين الناس وذوي أرحامهم، مهتزة ليست سائرةً على النهج الذي أمر الله سبحانه وتعالى به، والأسباب ليت أنها أسباب دينية، وليت أن السبب يتمثل في أن الصديق رأى صديقه على منكرٍ فذكره فلم يرعوي فأعرض عنه، إذاً لكان هذا مظهر غيرة على دين الله سبحانه وتعالى، ليت أن هذه الحال بين الرجل وأقاربه وذوي رحمه، كان مرده إلى هذا الذي نقول، لا بل لقد استقرأت ولاحظت وسمعت ورأيت فعلمت أن جل أسباب الخصام بل جل أسباب الأحقاد الكامنة بين الجوانح، مرد ذلك إلى الدنيا، مرد ذلك إلى أهواء، مرد ذلك إلى رعونةٍ من رعونات النفس.

وقد تجد الكثير من هؤلاء الناس يهرعون إلى المساجد يهرعون إلى مجالس العلم، قد تجد كثير من هؤلاء الناس يلهجون بالدين والحديث عنه، ولكن ما أيسر على الإنسان أن يهرع إلى المسجد فيتعود على الصلاة ويعود جسمه على حركات الركوع والسجود خلال أيامٍ معدودة فقط، ولكن ما أصعب أن يكون الإنسان رقيباً على قلبه حارساً على فؤاده أن يبقى أبيض نقياً اتجاه سائر إخوانه المسلمين فضلاً عن أقاربه وذوي أرحامه، ما أصعب أن يبقى الإنسان حارساً على فؤاده وأن يستمر في حراسته هذه إلى أن يأتي ملك الموت فينقله عن هذه الدنيا إلى رحاب الله عز وجل، وعندئذٍ يرحل إلى الله بقلبٍ سليم كما دعا أبو الأنبياء ابراهيم على نبينا وعليه الصلاة والسلام.

الأشهر الحرم ورجب واحد منها، يتبغي أن تُذكرنا أيها الإخوة بهذه الحقيقة، حقوق الله قسمان: حقٌ عادي وحقٌ مضاعف، حق الله المضاعف هو ما بينك وبين إخوانك، هو حق الله، ولكن الله سبحانه وتعالى أقام لنفسه حقاً فيما بينك وبين أخيك من علاقات.

ما أصعب وأغرب من حال الإنسان المسلم أن يدخل شهر كهذا الشهر المبارك عليه، وهو واقعٌ فيما حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم منه إذ قال: )لا يحل لمرء أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يقبل هذا فيعرض ويقبل هذا فيعرض وخيرهما الذي يبدأ صاحبه بالسلام(، وأنا أعلم أن بيننا في هذه المحلة، ومن حولنا، بل أعلم أن كثيراً ممن يغشون مساجدنا هذه قد تقطعت صلة القربى وصلة الأخوة الإسلامية مما بينهم وبين إخوة في الله، وكأنهم لم يسمعوا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا، بل سمعوا ولكن رعونات نفوسهم تغلبت على تحذير رسول الله صلى الله عليه وسلم، حسناً كان ذلك في الأوقات العامة، واليوم وقد أطل علينا هذا الشهر الحرام، هذا الشهر الذي كان يأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تغمد أسلحة القتال فيه بين المسلمين والمشركين، كيف يمكن أن نستقبل مثل هذا الزمن المبارك وعلاقة ما بيننا وبين إخواننا قائمة على هذا الأمر من أجل لعاعة من المال كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم!؟ بل كيف يمكن أن تكون الصلاة التقليدية في حركاتها شاهداً على أن مثل هذا الإنسان مخلص في دينه لله سبحانه وتعالى، الإخلاص يبرز هنا، الإخلاص يبرز في علاقة الإنسان مع أخيه الإنسان.

خلافٌ مالي ... أحل هذا الخلاف إلى الله يعطك الله سبحانه وتعالى ما فاتك مضاعفاً، والله لا يجرب، لكني على يقين من هذا وأضمن هذه الحقيقة.

أساء إليك بكلمة ... أحل ذلك إلى الله وتقرب إلى الله بتنفيذ وصيته )ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم(.

هذا عندما تكون العلاقة بينك وبين جارٍ لك أو بين أخ لك في الله. فكيف عندما تكون العلاقة بينك وبين قريبٍ لك؟ بين ذي رحمٍ من أرحامك؟!

أتعلم أن قطيعة الرحم من أكبر الكبائر؟

أتعلم أن قطيعة الرحم كما أجمع العلماء جميعاً تساوي ارتكاب الفواحش وشرب الخمر وقذف المحصنات وغير ذلك؟

أتعلم أن قطيعة الرحم أمرٌ حذر الله عز وجل منه في محكم تبيانه بأساليب مخيفة شتى )يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا(. وقف العلماء في دهشة أمام هذا الاقتران )واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام(، جعل تقوى الأرحام مقرونة بشكل مباشر مع تقوى الله سبحانه وتعالى، دون أن تكون أداة العطف أداة ترتيب كثم والفاء، لا، استعمل البيان الإلهي الواو )واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام( ثم قال: )إن الله كان عليكم رقيباً(.

الإنسان الذي فاض قلبه إيماناً بالله وخوفاً من الله وحباً في الجملة لله سبحانه وتعالى لابد أن يضع المال الذي كان سبب خلافاً تحت قدمه، أن يضع الكلمة النابية التي كانت سبب الخلاف وراء ظهره أن يضع الأسباب كلها أياً كانت للوقيعة بينه وبين إخوانه أو جيرانه أو أقاربه وذوي رحمه؛ يلقي ذلك كله وراءه ظهرياً تقرباً إلى الله عز وجل وخوفاً من هذا العقاب الذي يتهدد به هؤلاء المعرضين عن هذا الأمر المقدس في تبيان الله سبحانه وتعالى وحكمه.

أيها الإخوة سلسلة من المناسبات الزمنية تمر، كل حلقة منها تذكر كل حلقة منها تذكر بما ذكرت به الحلقة الأولى، وإذا تأملتم وجدتم أن محور هذه التذكرة كلها إنما هي رعاية حقوق العباد. أشهر الحرم تدور على هذا المحور، شهر شعبان وفيه ليلة النصف من شعبان تدور على هذا المحور، أجل ولعلكم جميعاً تعلمون أن الله عز وجل يطلع على عباده في ليلة النصف من شعبان فيقول: ألا هل من داعٍ فأستجيب له ألا هل من مستغفر فأغفر له، يستجيب للداعين ويرجئ أهل الأحقاد وقاطعي الرحم على ما هم فيه . كذلكم إذا جاء رمضان، كذلكم إذا جاءت الأشهر الحرم، كذلكم إذا جاء موسم الحج ... هذه السلسلة من المناسبات كلها يدور على محور واحد ألا وهو رعاية حقوق العباد، الدين كله من عقائده إلى أحكامه إلى آدابه إنما جاء من أجل تغذية الشبكة الإنسانية بصلة القربى، من أجل جعل الأسرة الإنسانية أسرة متآلفةً متحابة .

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم .

تابع القراءة الخطبة الثانية من خطبتي صلاة الجمعة في اسفل الصفحة على مربع الاجابة 

الخطبة الثانية 

صلة الرحم في رجب حكمها وفضلها 

1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة
 
أفضل إجابة
، خطبة الجمعة بعد القادمة بإذن الله تعالى ٤من شهر فبراير ٢٠٢٢م ٣من شهر رجب ١٤٤٣هـ بعنوان مفهوم الأشهر الحرم،

،، فلا_تظلموا_فيهن_أنفسكم

الخطبة الاولى

الحمد لله المتينِ العظيم، اللطيفِ الحليم، الخبير الحكيم، وأشهد أن لا إله إلا هو رب العرش الكريم، وأشهد أن نبيَّنا محمدًا عبدُ الله ورسوله، وصفيُّه وخليله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

فأوصيكم ونفسي بتقوى الله فإن من اتقاه صار من خير عباد الله وأكرمهم عليه وأقربهم إليه يفوز بمرضاته ويحوز من خيراته ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )

أما بعد عباد الله

ان من رحمة الله بعباده أن جعل لهم مواسم في هذه الحياة تزاد فيها الأجور ومحطات ايمانية لرفع معدل الإيمان وزيادة الرصيد من الأعمال الصالحة وتغيير ما بالأنفس واجتناب الشرور ومن هذه المحطات الكبرى الأشهر الحرم وهي رجب وذو القعدة وذو الحجة ومحرم وهي المذكورة في قوله تعالى ( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ )

وقد قال صلى الله عليه وسلم في خطبتة حجَّة الوداع ( إنَّ الزمانَ قد استدارَ كهَيئتِه يوم خلَق الله السمواتِ والأرضَ السنة اثنا عشر شهرًا منها أربعةٌ حُرُم ثلاثة متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرَّم، ورجب مُضر الذي بين جمادى وشعبان ).

وقد كانت هذه الأشهر معظمة في الجاهلية فجاء الإسلام وأقر ذلك، وشهر رجب يقع في منتصف الشهور العربية فهو الشهر السابع وقد حرمته العرب للتمكن من زيارة البيت وأداء العمرة والثلاث المتوالية حكمتها التمكن من أداء شعيرة الحج في أشهر الحج شهر للذهاب وهو ذو القعدة وشهر لأداء المناسك وهو ذو الحجة وشهر للإياب وهو المحرم.

وقد سميت هذه الأشهر حرماً لأمرين:

1. لتحريم القتال فيها إلا أن يبدأ العدو.

2. لأن حرمة انتهاك المحارم فيها أشد من غيرها ولهذا نهانا الله تعالى عن ارتكاب المعاصي في هذه الأشهر فقال ( فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ )

، مع أن ارتكاب المعصية محرم ومنهي عنه في هذه الأشهر وغيرها إلا أنه في هذه الأشهر الحرم أشد تحريماً

وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "اختص الله تعالى أربعة أشهر جعلهن حُرماً وعظم حرماتهن وجعل الذنب فيها أعظم وجعل العمل الصالح والأجر أعظم وخص الله تعالى الأربعة الحرم بالذكر ونهى عن الظلم فيها تشريفاً لها وإن كان منهياً عنه في كل زمان".

فاحذروا يا عباد الله من الظلم فإن الظلم ظلمات كما جاء في الحديث عنِ النبيِّ قال ( اتَّقُوا الظُّلْمَ. فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَاتَّقُوا الشُّحَّ، فَإِنَّ الشُّحَّ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ. حَمَلَهُمْ عَلَى أَنْ سَفَكُوا دِمَاءَهُمْ وَاسْتَحَلُّوا مَحَارِمَهُمْ ).

 أيها المؤمنون

الظلم ثلاثة : فظلم لا يتركه الله وظلم يُغفَر وظلم لا يُغفَر فأما الظلم الذي لا يُغفَر فالشرك فمن أعظم الظلم الذي ينبغي أن يُجتنَب الشرك بالله عز وجل كما قال لقمان لولده ( يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) فينبغي للمسلم في هذه الأشهر على وجه الخصوص أن يجتنب الشرك بنوعيه الأكبر والأصغر فهو ظلم لا يغفره الله

*أما الظلم الذي يُغفَر فظلم العبد فيما بينه وبين ربه بالذنوب والمعاصي , فهذه يكفرها التوحيد والإخلاص والتوبة والاستغفار والمصائب والآلام وفعل الحسنات بعد السيئات قال تعالى ( وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ؛ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ، ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ )

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وأتْبِعِ السيئةَ الحسنةَ تمحُها "،

وفي الحديث القدسي يقول: قال الله تعالى: " يا ابن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم، لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك، يا ابن آدم لو أتيتني بقُراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشركُ بي شيئًا لأتيتك بقُرابها مغفرة ".

وليحذر المسلم من أن ينتهك الحرمات وأن لا يقع في ذنوب الخلوات فإنها سبب لزوال الحسنات ولو كانت كالجبال الشاهقات

*وأما الظلم الذي لا يتركه فالمظالم بين العباد، يقص الله بعضَهم من بعض وهو ظلم العبد لغيره من الخلق فهذا لا بد فيه من أخذ الحقّ للمظلوم من الظالم

فيا عبد الله

لا تغرك قوّتُك وسطوتُك فالله أقوى منك وعقوبة الله أعظم من عقوبتك ( فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ. وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ ) عن أبي مسعود البَدْرِي رضي الله عنه قال: " كنت أضرب غلامًا لي فسمعت من خلفي صوتًا: اعلم أبا مسعود ، للهُ أقدرُ عليك منك عليه. فالتفتُّ فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت: يا رسول الله، فهو حر لوجه الله. فقال: أمَا إن لم تفعل لَمَسَّتْك النار ".

وأعظم الظلم سفك الدماء وفي الحديث ( لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو في الشهر الحرام إلا أن يُغزى ، فإذا حضره أقام حتى ينسلخ )

عباد الله

 إن هذه الأربعة الأشهر الحرم تعدل ثلث العام ، فثلث السنة سلمٌ وسلام وأمنٌ وأمان، يأمن الناس على أموالهم وأعراضهم ودمائهم .

إن الإسلام دين السلام والأمان، لقد عظم الإسلام سفك الدماء وجعله إثم عظيم بل ويشتد جرمه ويعظم إثمه في هذه الأشهر الحرم.

أيها المؤمنون:

اتقوا الظلم؛ فإنّ نبيكم الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم أخبر أن الدنيا تملأ في آخر الزمان ظلمًا وجورًا وها نحن نشهد صدق ما أخبر به، فإن الظلم قد فشا وشاع بين الناس، في الدماء والأموال والأعراض ومن أعظم الظلم وأشنعه ظلم الأقربين والتعدي عليهم بأي نوع من أنواع الظلم كما قيل:

وظلم ذوي القربى أشد مضاضة                                                  

                   على المرء من وقع الحسام المهندي

فمن الناس من يظلم والديه وأقرب الناس إليه، ومن الناس من يظلم زوجه وأبناءه وبناته ومن له حق الولاية عليهم، ومن ظلم الزوجات أن لا يقوم بما يجب لها من حقوق شرعية، ومن ظلم الأولاد أنّ بعض الناس لا يحسن العدل بين أولاده، فيظلم بعضهم، ويَشْعُر أحد الأولاد -ابنًا أو بنتًا- بالميل إلى غيره وعدم العدل بينه وبين إخوانه، وتلك مشكلة يغفل عنها الكثير من الآباء؛ ما يسبب الحقد والبغضاء بينهم، وكم سمعنا من هذا الشيء الكثير حتى تبلغ العداوة بين الإخوان شيئًا لا يكاد يصدقه عقل، حتى بلغ الأمر ببعضهم أن يسحر أخاه أو يعتدي عليه بالضرب أو القتل، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "اتقوا الله واعدلوا في أولادكم".

ومن ظلم العبد لغيره ظلم الخدم والعمال، فكم نرى من أصحاب الأعمال الذين ظلموا عمالهم؛ بتحميلهم ما لا يطيقون، أو بتأخير رواتبهم ومستحقاتهم، أو جحد حقوقهم، أو فرض الإتاوات عليهم

ظلم المدير لمن هم تحته من عمال أو موظفين. وكذلك ظلم الجيران بعضهم بعضا حتى

وكذلك ظلم الإنسان للحيوان

عباد الله

وكم هم الذين أطلقوا لأنفسهم في أعراض الناس ودمائهم، فتفكهوا بأعراض الغافلين وسفكوا دماء المؤمنين.

فلِلَّه ما أكثر المفلسين الذين يعملون لغيرهم ويتحمّلون عنهم؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أتدرون من المفلس؟!"، قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: "إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يُقضى ما عليه أُخِذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار".

فيا لها من تجارة بائرة وصفقة خاسرة أن تأتي يوم القيامة وأنت أحوجُ ما تكون إلى حسنة تثقل بها ميزانك، فإذا بخصمائك قد أحاطوا بك، فهذا آخذ بيدك، وهذا قابض على ناصيتك، وهذا متعلق بتلابيبك، هذا يقول: ظلمتني، وهذا يقول: شتمتني، وهذا يقول: اغتبتني أو استهزأت بي، وهذا يقول: جاورتني فأسأت جواري، وهذا يقول: غششتني، وهذا يقول: أخذت حقي.

فيا عباد الله:

 تداركوا الأمر قبل فوات الأوان، فما هي والله إلا ساعة ثم تبعثر القبور، ويحصّل ما في الصدور، وعند الله تجتمع الخصوم، فيقتص من الظالم للمظلوم، فتحللوا أيها الإخوة من المظالم قبل أن لا يكون درهم ولا دينار، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله: "من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلّله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحُمِل عليه".

فتعافوا فيما بينكم وتسامحوا وابعدوا من قلوبكم الحقد والبغضاء وتراحموا يرحمكم الرحمن

قلت ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه انه غافر الذنوب والخطيئات

الخطبة الثانية

الحمد لله لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع والصلاة والسلام على أشرف خلق الله محمد بن عبد الله وبعد:

عباد الله

 الأشهر الحرم كلها خير وبركة وهن فرصة كبيرة للتأثير والتغيير وإعادة التربية الذاتية , وإذا تم تعظيمها كما أراد الله عز وجل يمكن أن تحدث انقلابا أخلاقيا إيجابيا كبيرا في المجتمعات المسلمة فالأشهر الحرم لها تأثير كبير في تغيير ما بالأنفس الذي هو أساس تغيير الشعوب والحكومات، وإصلاح المجتمعات وتقويم الأنظمة، وهي قاعدة التغيير المذكورة في قوله تعالى ( إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ ).

عباد الله

تحتاج الأمة أن تعرف قدر الأشهر الحرم وفضلها وحكمتها وكيفية استثمارها ومن المؤسف أن تكون هذه الأشهر المباركة منسية عند كثير من المسلمين مجهولة لدى أبنائهم إلا القليل.

عباد الله وقد ختم الله الآية بقوله: فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ) وختمها ( وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ) ،

 أي الذين راقبوا الله في جميع تصرفاتهم فعلوا ما أوجب الله عليهم وتركوا ما حرم الله عليهم أحلوا ما أحل الله وحرموا ما حرم الله وقفوا عند حدود الله. ولم يتلاعبوا فيها فلا يؤذون ولا يغشون ولا يخدعون ولا يخونون بل ظواهرهم كبواطنهم تظهر آثار التقوى عليهم

أيها المسلمون رجب من الأشهر الحرم المعظمة ولكن لم يصح في تخصيصه بعبادة معينة أو تفضيله على غيره من الأشهر الحرم شيء

عباد الله

أذّكر نفسي وإياكم مع بداية أحد هذه الأشهر الحرم بأمر الله لنا ألّا نظلم أنفسنا وأن نقوم بما أوجبه علينا من فعل المأمورات على الوجه الذي شرع لنا وأن نترك ما نهى عنه سبحانه وتعالى

اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا واحفظ بلادنا واقض ديوننا واشف أمراضنا وعافنا واعف عنا وأكرمنا ولا تهنا وآثرنا ولا تؤاثر علينا وارحم موتانا واغفر لنا ولوالدينا وأصلح أحوالنا وأحسن ختامنا يارب العالمين

اسئلة متعلقة

...