خطبة عن المولد النبوي الشريف، كيف نحتفل بميلاد سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم
خطبة الجمعة بعنوان ذكرى المولد النبوي الشريف، مكتوبة عن ميلاد سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم قبل يوم الثاني عشر من ربيع الأول
خطبة الجمعة مكتوبة بعنوان ميلاد محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الدعاء
أفضل خطبة الجمعة الأولى والثانية من شهر ربيع الأول وقدوم ذكرى مولد النبي صلى الله عليه
خطبة المنبر عن ذكرى المولد النبوي الشريف
يسرنا أعزائي خطباء المنابر بزيارتكم موقع النورس العربي أن نقدم لكم مجموعة من الخطب مكتوبة عن شتى المواضيع كما نقدم لكم الأن خطبة الجمعة بعنوان المولد النبوي الشريف وهي كالتالي
خطبة عن المولد النبوي الشريف
المولد النبوي الشريف
الخطبة الأولى
الحمد لله الذي هدانا لدينه القويم، ومنّ علينا ببعثة هذا النبي الكريم، وهدانا به إلى الصراط المستقيم، أحمده سبحانه على نعمه الغِزار، وأشكره على جوده المدرار.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الواحد القهار، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله المصطفى المختار.
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
فيا أيها الناس: اتقوا الله حق التقوى، وراقبوه في الجهر والنجوى، واشكروه أن منّ عليكم بالهداية لدين الإسلام، وجعلكم من أمة خير الأنام، الذي بعثه الله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله.
أرسله بالآيات البينات، والمعجزات الواضحات، أنزل عليه هذا القرآن العظيم، الذي هو هدى وشفاء لما في الصدور، إنه شفاء لأمراض القلوب من الشكوك والشبهات، والمعاصي والشهوات، والجَور والجهالات، إنه النور الذي يضيء لك الطريق، ويهديك للتحقيق، {إِنَّ هَـٰذَا ٱلْقُرْءانَ يِهْدِى لِلَّتِى هِىَ أَقْوَمُ وَيُبَشّرُ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلصَّـٰلِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيراً} [الإسراء:9].
لكل أمة عظماء سطّر التاريخ مآثرهم ومجّد أعمالهم وخلّد جزءا من سيَرهم وحياتهم ليكونوا نبراسا لمن بعدهم في علمهم وجهادهم وأخلاقهم. ولقد اعتادت كثير من الأمم والمِلل إحياءَ ذكرى عظمائها، فيخصّصون يوما يوافق يوم مولدهم أو يوم وفاتهم لتذكير شعوبهم وأتباعهم بسير هؤلاء العظماء أملا أن لا يموت ذكرهم ولا تنسى أسماؤهم طوال العام.
ويمرّ على المسلمين في هذا الشهر شهر ربيع الأول ثلاثة أحداث مهمّة، هي مولد النبي وهجرته إلى المدينة ووفاته . ولا ريب أنّ كلاً منها كان حدثًا مهمًّا في حياة المسلمين، بل وفي حياة الثقلين أجمعين، يقول الله تبارك وتعالى: لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ [آل عمران:164].
أيها الإخوة في الله، ففي شهر ربيع الأول ولد أفضل خلق الله في هذا الوجود، ولد الرسول العالمي والنبي الأمّي العربي محمد بن عبد الله ليكون خاتم النبيين وإماما للمتقين والرحمة المهداة للعالمين والحجة على الخلائق أجميعن، فشرفت به الأرض واستبشر به من وفّقه الله للهداية. اصطفاه الله وربّاه ليكون قدوة لهذه الأمة وبشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله وسراجا منيرا، فبلّغ الرسالة، ونصح الأمة، وجعلها على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك، حتى قال : ((كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى))، فقالوا: يا رسول الله، ومن يأبى؟! قال: ((من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى)) رواه البخاري.
ولقد أوذي وعودي وضرب وجرِح وهو يدعو الناس إلى الله، وقال عنه الظالمون: إن تتبعون إلا رجلا مسحورا. وما زال يتنزل عليه القرآن آية بعد آية وهو يرشد الأمة إلى أشرف مقصد وأسمى غاية فظهر الحقّ وزهق الباطل. وما إن استجاب العرب إلى نداء رسولهم حتى انتقلوا من حال خير من حالهم ومآل خير من مآلهم، فتحولوا من ضعف إلى قوة، ومن جهلاء إلى عُلَماء، ومن رعاة للغنم إلى قادةٍ للأمم. فلقد ألف بينهم هذا الرسول الكريم بعد أن كانوا أحزابا متناحرة وقبائل متعادية يأكل القوي منهم الضعيف، فجمع كلمتهم تحت راية الإسلام، وانتزع من قلوبهم الضغائن والأحقاد، فخرجوا خير أمة أخرجت للناس، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر. فخرجت الدولة الإسلامية الكبرى التي غمر عدلها ونورها نصف الأرض، فهل يحتاج المسلمون إلى إحياء ذكرى ميلاد نبيهم محمد أسوة بما يفعَل بالعظماء على مرّ التاريخ؟
إن شأن رسول الله عند الله لعظيم، وإن قَدرَه لكريم، فلقد اختاره الله تعالى واصطفاه على جميع البشر وفضله على جميع الأنبياء والمرسلين. وشرح له صدره، ورفع له ذكره، ووضع عنه وزره، وأعلى له قدره، لهذا تكفّل الله عز وجل بإحياء اسم خليله محمّد على ألسنة أتباعه من المسلمين حتى إن المسلم ليردّد اسم نبيه محمد في اليوم والليلة أكثر من مائة وسبعين مرة.
وإذا علمنا أن أمّة الإسلام قد فاق عددها المليارَ وربع المليار فمعنى هذا أن اسم محمّد يذكر في اليوم والليلة أكثر من مائة وسبعين مليار مرة، والمليار يعدل ألف مليون. دعونا نجرِي حسبة بسيطة باستعراض ما يقوم به المسلم كل يوم من أذكار فيها ذكر نبينا محمد ، لندرك هل نحتاج إلى إحياء مولده .
لقد دعا الله عز وجل عباده المؤمنين إلى الصلاة على نبيّه محمد في مواضع كثيرة هي في بعضها واجبة وفي بعضها الآخر مستحبة، فالمسلم يذكر اسم نبيّه محمد ثمانيا وثلاثين مرة في الصلوات الخمس وذلك في التشهد الأول والثاني من كلّ صلاة، وخمس عشرة مرة في الأذان والإقامة، وعشر مرات في الدعاء عقب الأذان، وعشر مرات في دعاء الدخول إلى المسجد والخروج منه، وخمس مرات عقب الوضوء، وثمانيا وأربعين مرة في السنن الرواتب، واثنتي عشرة مرة في الشفع والوتر، وستا وثلاثين مرة ضمن أوراد الصباح و المساء، فهذه بعض المواطن التي يشرع فيها ذكر نبينا محمد والصلاة عليه كل يوم، والتي يبلغ مجموعها مائة وأربعة وسبعين مرة. ولو اعتبرنا أن عدد المسلمين ليس مليار وربع المليار وإنما مليار واحد فقط فمعنى ذلك أن اسم محمد يذكر ويردّد في اليوم الواحد أكثر من مائة وسبعين مليار مرة، وهذا بغض النظر عن يوم الجمعة الذي أُمرنا فيه بالإكثار من الصلاة عليه ، فهل تجدون ملِكا أو رئيس دولة في العالم من يذكر اسمه بهذا العدد؟ ليس في اليوم الواحد، بل في العام الواحد؟ بل في عمر الزمان كله؟ هكذا رفع الله ذكر محمد وصدق الله حين قال: وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ [الشرح:4]، وما ذلك إلا لنجعله أسوة لنا في كافة شؤون حياتنا، قال تعالى: لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لّمَن كَانَ يَرْجُو ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ ٱلآخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيرًا [الأحزاب:21].
إن من أحبَّ النبي محمد واجبه أن يعمل بسنته المطهرة وأن ينشرها بين الناس ليزداد ذكر اسم النبي محمد . إن واجب المسلمين اليوم حكومات وشعوبا بمناسبة ذكرى مولد النبي أن يجددوا تأملهم في شخصية رسولهم وقدوتهم ويدرسوا سيرته ويتدبروا كلامه والقرآن الذي نزل عليه، وأن يتابعوا الطريقة التي بنى بها الأمة المسلمة، وأن يروا كيف ربى هذا النبي الكريم على تعاليم الإسلام جماعةً عاشت دهرا طويلا في أعماق الصحراء كانت منبوذة من بين الأمم، فإذا هي بالإسلام أرقى أمم الدنيا تقارع إمبراطورِيَتَي فارس والروم. وما ذاك إلا لأن سلف هذه الأمة جعلوا النبي قدوتهم في كلّ شيء ونبراسا لهم في كل طريق، فنصرهم الله على شياطينهم وعلى أهوائهم، فانتصروا بعد ذلك على أعدائهم.
أما في وقتنا المعاصر فقد استبدل كثير من الناس بقدوتهم وأسوتهم قدواتٍ زائفة لمعتهم بعض وسائل الإعلام المختلفة العربية والإسلامية، فسمّتهم نجومَ المجتمع وهم ليسوا أهلا لذلك، فقُلبت موازين الفضيلة عند كثير من الناس. وإذا أردت أن تتأكّد من ذلك فاسمع إلى أيّ مقابلة تجرَى مع فنان أو مغنٍّ أو ممثّل أو لاعب تجدهم يسألون هؤلاء أسئلة دقيقة عن حياتهم الشخصية كأنهم يقابلون أحد علماء الأمة وقدواتها فتراه يُسأل: من الذي هداك إلى هذا الفن؟ ومن قدوتك في عالم الفن؟ وما هوايتك المفضلة؟ وكيف تقضي إجازتك ووقت فراغك؟ وما اللون الذي تفضله؟ وما أجمل وردة تحبها؟ وما أفضل طبخة تأكلها؟ وما أحرج موقف مر بك في حياتك؟ وماذا تتمنى للشباب العربي؟ وغيرها من أسئلة لا تهمّ المسلمين ولا تحلّ قضاياهم، وإنما تزيدهم غفلة فوق غفلتهم ولهوا إلى لهوهم.
يقول تعالى متحدثا عن وظيفة من أجل وظائف الأنبياء والرسل: لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ [الحديد: 25]. فكأن من أعظم أهداف الرسالة والنبوة إقامة العدل بين الناس وقيامهم به.
يقول سيد قطب في تفسير قوله تعالى: وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ : "إن كل الرسالات جاءت لتقر في الأرض وفي حياة الناس ميزانا ثابتا ترجع إليه البشرية، لتقويم الأعمال والأحداث والرجال؛ وتقيم عليه حياتها في مأمن من اضطراب الأهواء واختلاف الأمزجة وتصادم المصالح والمنافع، ميزانا لا يحابي أحدا لأنه يزن بالحق الإلهي للجميع.. هذا الميزان الذي أنزله الله في الرسالة هو الضمان الوحيد للبشرية من العواصف والزلازل والاضطرابات والخلخلة.. فبغير هذا الميزان الإلهي الثابت في منهج الله وشريعته لا يهتدي الناس إلى العدل، وإن اهتدوا إليه لم يثبت في أيديهم".
عباد الله، إنه في غياب ميزان الله فإن الناس يرجعون إلى أهوائهم وإلى أذواقهم، فيضيع الحق بين هذه الأهواء والأذواق والآراء، فهذا يرى الحق على شكل معين، وذاك ينظر إلى الحق في عكس ذلك ونقيضه. ونتيجة ذلك أن يفسد شأن الحياة مصداقا لقوله تعالى: وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُم بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعْرِضُونَ [المؤمنون: 71].
لقد جاء مولد النبي محمد في مرحلة امتلأت فيها الدنيا جورا واختل ميزان العدل، وتاه الحق، وانتشر الظلم والفاحشة، وتغلب القوي على الضعيف، وفسدت الأخلاق، وضاع الوحي. يصف جعفر بن أبي طالب الحالة التي كان عليها الناس قبيل بعثة النبي محمد للنجاشي فيقول: (أيها الملك، كنا قومًا أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك، حتى بعث الله إلينا رسولًا منا، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات، وأمرنا أن نعبد الله وحده، لا نشرك به شيئًا، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام... -فعدد عليه أمور الإسلام-، فصدقناه وآمنا به، واتبعناه على ما جاء به من دين الله).
لقد جاء مولد خاتم الأنبياء إيذانا ببدء إصلاح المجتمعات الإنسانية ومحاربة الفساد الأخلاقي والفوضى الاجتماعية والظلم الاجتماعي. لقد جاء مولد الحبيب محمد ليرد قضية العدل إلى نصابها، وينشر معاني الحق، ويحارب الظلم، ويناهض الباطل.
والمتأمل لسيرة النبي قبل البعثة وبعدها يجد أنه قد جسد على أرض الواقع القدوة والنموذج الذي يحتذى في دفع الظلم ونصرة المظلومين والوقوف إلى صف المستضعفين.
تابع قرأة الخطبة الأولى والخطبة الثانية عن مولد النبي صلى الله عليه وسلم، على مربع الاجابة اسفل الصفحة كما هي أمامكم الأن في الأسفل