خطبة الجمعة القادمة مكتوبة بعنوان جبر القلوب الله للقلوب جابر :مع الدعاء؟
خطبة استرشادية تدعو الصبر على ما أصابك والرجوع إلى الله أن الله للقلوب جابر :
مجموعة خطب الجمعة مكتوبة مع الدعاء
خطبة الجمعة القادمة بعنوان جبر الله للقلوب
للشيخ محمد عبد التواب سويدان
نص الخطبة :
الخطبة الأولى
الحمد لله أعطانا بسخاء، ونعمهُ علينا لا حدَّ لها ولا انتهاء، وأشهدُ أنَّ لا إله إلَّا هو العالمُ بالسِّرِّ والخفاء، جبَّار الخواطرِ بلا قيدٍ ولا استثناء، لا يَردُّ لعبده حاجةً ولا دعاء. وأشهدُ أنَّ سيدنا محمداً عبدهُ ورسوله، خاتم الأنبياء صلّى الله وسلم عليه وعلي آله وأصحابه الشرفاء ، وبعد أخي الحبيب : هل تشعر بانكسار يعتري نفسك، وضعف يُغلِفها؟ هل تحاوطك الهموم ولا تدري كيف الخلاص منها؟
هل تود أنْ تبكي وتبكي ولكنك لا تجد من تستطيع أنْ تبثه شكواك، وتحكي له عن خباياك؟
هل عانيت من ظلم البشر حتى ضاقت عليك الأرضُ بما رحبت، وعمَّتْ ظلمات ذاك الظلم حتى حجبت عنك أنوار البهجة والراحة والأمان؟
فإلي كل نفس مُتعبة، وإلي كل قلب انكسر، لا تحزن ولا تتألم ايها المنكسر الضعيف، ولا تيأس ايها الوحيد الغريب، ولا تبك ايها الفقير المعوز، ولا تهتم ايها العائل المحزون، ولا تبتئس ايها المظلوم المحروم، فإن ربك هو الجبار سبحانه... سيذهب حزنك، ويجبر كسرك، ويزيل يأسك ويؤنس غربتك، ويطمئن وحدتك، سيغنيك بعد فقر، ويسترك بعد عري، ويسعدك بعد هم، ويقويك بعد ضعف، وينصرك بعد ظلم. ويا أيتها الأمة المنكسرة المستضعفة، سيجبرك جبار السموات والأرض، إنه هو الجبار سبحانه قال تعالى {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ ﴾ [ الحشر ]
وقد يتخيل البعض أن أسماء مثل الجبار والمنتقم والقهار هي أسماء لقصم الظالمين والانتقام من الجبابرة. فقط !! المشكلة هي أنك قد تكون عشت عمراً طويلاً ولكنك لم تشعر ابداً بأسماء الله الحسنى،!!.
فالجبار يجمع ثلاثة معانٍ هي الملك الذي يجبر كسر عبيده، والقهر فوق العباد، والعلو على الخلق، يقول الطبري : " الجبار يعني المصلح أمور خلقه، المُصَرِّفهم فيما فيه صلاحهم" ويقول الخطابي "الجبار هو الذي جبر مفاقر الخلق، وكفاهم أسباب المعاش والرزق"
ويقول السعدي " هو بمعنى العلي الأعلى، وبمعنى القهار، وبمعنى الرؤوف الجابر للقلوب المنكسرة، وللضعيف العاجز، ولمن لاذ به ولجأ إليه "
فهو سبحانه جبار جبر قوة, يقهر الجبابرة ويغلبهم بجبروته وعظمته، فكل جبار فهو تحت قهر الله عز وجل وجبروته وفي يده وقبضته.
وهو سبحانه جبار جبر رحمة يصلح حال عباده فيجبر الضعيف والكسير والحزين والفقير وغيرهم.
وهو سبحانه جبار جبر علو، فإنه سبحانه عال فوق خلقه وهو قريب منهم يعلم ما يسرون وما يعلنون... لذا كان النبي ﷺ يقول في ركوعه مسبحاُ " سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة " أخرجه أبو داوود والنسائي .
وكان يدعو بين السجدتين فيقول " اللهم اغفر لي وارحمني واجبرني واهدني وعافني وارزقني" أخرجه أحمد وابو داود
فالجبار اسم يُطمئنُ القلبَ ويريحُ النفس فالله يَجْبُرُ الفَقرَ بِالغِنَى والمَرَضَ بِالصِحَّةِ والخَيبَةَ والفَشَلَ بالتَّوْفِيقِ والأَمَلِ والخَوفَ والحزنَ بالأَمنِ والاطمِئنَانِ هُوَ جَبَّارٌ مُتصِفٌ بِكَثْرَةِ جَبْرِهِ حَوَائِجَ الخَلَائِقِ. " تفسير أسماء الله الحسنى للزجاج"
الله للقلوب جابر : ألا تري الله قد جبر بخاطر الخليل ابراهيم حين كسر بخاطره فلم يؤمن معه إلا القليل حتي أبوه لم يؤمن به ظل يدعوه يا أبت لا تعبد الشيطان يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا. فكان الرد ( قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آَلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا " فانظر كيف جبر الله بخاطر ابراهيم بأن جعل في ذريته النبوة والكتاب" فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا (مريم ) وفي موضع آخر يقول الله (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآَتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (العنكبوت) ( وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا)) الأنبياء. ألم أقل لك أن الله للقلوب جابر
◇◇ وهذا يوسف عليه السلام ومَن منَّا لا يعرفُ قصته وكيف أنَّ إخوته آذوه وأرادوا قتله، يخرج مع إخوته يلعب معهم فرحاً مسروراً فإذا بهم بالحبال ربطوه وبالجب أنزلوه ويوسف يظن انهم يلعبون معه ويمازحوه إلا أنهم تركوه ليبقي في الجب وحده لا يسمع الا أصوات الذئاب فكسر خاطره بما فعلوه. فجبرَ الله خاطره بوحيٍ يُثبّت قلبه: {فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ وَأَجْمَعُواْ أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَـذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } يوسف : 15 )
ثم مرة أخري لما اتهمته امرأة العزيز زوراً وبهتاناً فيدخل السجن فيكسر بخاطره. فانظر كيف جبر الله بخاطر يوسف فيخرج من السجن وبراءته ناصعة أمام الجميع وصفحته بيضاء، ثم يزداد الله في جبر خاطره فيجعله علي خزائن الأرض، ثم يأتي إليه إخوته قائلين "يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر" ثم يبالغ الله في اكرامه وجبر خاطره بأن يأتي بأبيه إليه وقد رد الله عليه بصره.
◇◇ ثم انظر إلي نبي الله أيوب عليه السلام كيف جبر الله بخاطره لما مسه الضر وفقد صحته وماله، وكسر بخاطره حين لبِث في بلائِه ثماني عشرةَ سنةً ، فرفضه القريبُ والبعيدُ إلَّا رجلَيْن من إخوانِه كانا يغدُوان إليه ويروحان ، فقال أحدُهما لصاحبِه : تعلمُ واللهِ لقد أذنب أيُّوبُ ذنبًا ما أذنبه أحدٌ من العالمين . فقال له صاحبُه : وما ذاك ؟ قال : منذ ثماني عشرةَ سنةً لم يرحَمْه اللهُ فيكشِفْ ما به ، فلمَّا راح إليه لم يصبِرِ الرَّجلُ حتَّى ذكر ذلك لأيوب فازداد حزنًا، صار حتى هؤلاء الاثنين أقرب الناس واحد منهما يظن أيوب هذا عمل معصية شنيعة جدًا، ولولا ذلك ما جاءه هذا البلاء، فحزن ودعا الله حينئذ، ( وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) فانظر كيف جبر الله بخاطره ( فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ ) الأنبياء [ السلسة الصحيحة ]
أخي هل تعلم أن الله أنزل الله سورة في القرآن يجبر بها خاطر رجل. ألم يُعاتب الله تعالى حبيبه المصطفى من أجل عبدٍ ضعيفٍ أعمىً -كما وصفه القرآن جاء ابن أم مكتوم يطلب الهداية، وكان النّبيّ ﷺ قد انشغل بدعوة غيره طمعاً في هداية كبار قريش، فجاء القرآن معاتباً المصطفى وجابراً لخاطر ذلك العبد الضّعيف، قال الله. {عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الأعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى} [عبس ] قال القرطبي في التفسير ( فعاتبه الله على ذلك؛ لكي لا تنكسر قلوب أهل الإيمان) فكان رسول الله يقول له حين يراه مرحبا بمن عاتبني فيه ربي.
◇◇ بل لقد أنزل الله سورة في القرآن يجبر بها خاطر امرأة!!
جاءت خوله بنت ثعلبة تشتكي إلى رسول الله ﷺ وقالت : إن أوسًا تزوَّجني وأنا شابة مرغوب فيَّ، فلما خلا سِنِّي وكثر ولدي جعلني كأمِّه، وإن لي صبية صغارًا إن ضممتهم إليه ضاعوا، وإن ضممتهم إلي جاعوا. فقال لها رسول الله « مَا عِنْدِي فِي أَمْرِكِ شَيْءٌ »، ورُويَ أنه ﷺ قال لها «حَرُمْتِ عَلَيْهِ». فقالت: يا رسول الله ما ذكر طلاقًا، وإنما هو أبو ولدي وأحبُّ الناس إليَّ، إنه زوجي وابن عمي، وهو شيخ كبير وضعيف، فقال: «حَرُمْتِ عَلَيْهِ» فقالت: أشكو إلى الله فاقتي ووجدي، ظلت تشكو إلى الله وتبكي حتى نزل أمين الوحي جبريل بهذه الآيات { قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } (المجادلة: 1)) وعائشة لا تسمع بعض كلامها "وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا " أيها المريض الله يسمعك أيها المحتاج الله يسمعك أيها المظلوم الله يسمعك" وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا "
◇◇ بل لقد أنزل الله سورة في القرآن لجبر خاطر غلام صغير :
لما سمع زيد بن أرقم وكان غلاماً صغيراً قول عبد الله بن أبي بن سلول لأصحابه لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، أبلغ زيد عمه، وأبلغ العم رسول الله ﷺ، كلمة خطيرة جداً، أرسل النبي ﷺ لعبد الله بن أبي، جاء وحلف، وجحد، قال زيد: فصدقه رسول الله ﷺ "وصار اللوم على زيد، كيف تنقل مثل هذا الكلام الخطير، أنت غلام لا تعلم ماذا يترتب على مثل هذا الكلام) انكسر قلبه وخاطره من جراء رد قوله، ولوم الناس له وهو صادق. قال زيد: فوقع عليَّ من الهم ما لم يقع على أحد، فبينما أنا أسير قد خفقت برأسي من الهم، إذ أتاني رسول الله ﷺ فعرك أذني، وضحك في وجهي، وقال لي لقد صدق الله أذنيك " فما كان يسرني أني لي بها الخلد في الدنيا، انظروا إلى عِظم أثر جبر الخاطر على صاحبها، صدّق الله أُذُن الغلام، أنزل تصديقه في كتابه، وأنزل آيات إلى يوم الدين تتلى “ يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ” (المنافقون/8) ( سنن الترمذي) أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم. من كل ذنب انه الغفور الرحيم
تابع قرأة الخطبة الثانية اسفل الصفحة على مربع الاجابة كالتالي