القبائل المعدية التي سكنت البحرين القديمة
جميع القبائل العدنانية التي عرفت أسماؤها عند الأخباريين ينتهي نسبها إلى معد الذي ينسب لعدنان وقد مر الحديث عن اسم عدنان ومدى غموضه في فصل سابق, ويرجح أن غالبية القبائل العربية هجرت تهامة ولم يبقَ بها إلا القبائل المعدية بالإضافة لقبيلة «عك» والذي يرجح أنه ابن آخر لعدنان (علي 1993, ج1, ص 390). وقد نسب لمعد بن عدنان عدداً من الأولاد، جعلهم بعض الأخباريين أربعة هم: نزار بن معد، وقضاعة بن معد، وقنص بن معد، وإياد بن معد. وجعلهم بعض آخر أكثر من ذلك، إذ أضافوا إلى المذكورين عبيد الرماح ابن معد، وقد دخل أبناؤه في «بني مالك بن كنانة»، والضحّاك بن معد، قالوا: أغار على بني إسرائيل، وقناصة بن معد، وسناماً، وحيدان، وحيدة، حيادة، وجنيداً، وجنادة، والقحم، والعرف، وعوفاً، وشكاً، وأمثال ذلك (علي 1993, ج1, ص 392) والمرجح أن إياد هو ابن نزار وليس ابن معد (علي 1993, ج1, هامش ص 392 وص 395). ونزار هذا هو جد القبائل «النزارية» المنحدرة من نزار بن معد من زوجته «معانة بنت جوشم بن جلهمة» ، أو «معانة بنت جهلة» من جرهم, وهو على زعم الأخباريين والد أربعة أولاد هم: ربيعة ومضر وأنمار وإياد. وهم أجداد قبائل كثيرة في الوقت نفسه (علي 1993, ج1, ص 394).
وقد تناحرت القبائل المعدية فيما بينها فهاجر العديد منها ونزل عدد منها في شرق الجزيرة العربية, وبحسب الأخبار التي تذكر هجرات تلك القبائل يرجح أن أول من سكن شرق الجزيرة العربية منهم هي قضاعة ثم تبعتها إياد ثم تنوخ وهي قبيلة واحدة أو عدة قبائل متحدة, ثم جاءت قبيلة عبدالقيس وبكر بن وائل وتغلب بن وائل وتميم. بالإضافة لهذه القبائل العدنانية هناك قبيلة واحدة قحطانية على الأقل سكنت شرق الجزيرة العربية وهي قبيلة الأزد وقد ويرجح أنها نزلت هناك قبل قبيلة إياد.
قبيلة قضاعة
وهو قضاعة بن معد بن عدنان, إلا أن بعض أهل الأخبار يضيفها إلى القحطانين، على حين نرى فريقاً آخر من النسابين ومن ورائهم القضاعيون يعدّون أنفسهم من أقدم أبناء معد، فيقولون: قضاعة بن معد، وبه كان يكنى معد، أي أنهم أقدم أبناء معد. ويروون في ذلك شعراً من أشعار قضاعة في الجاهلية وبعد الجاهلية. وفي كل ذلك أثر التعصب القبلي الذي كان يتحكم في النفوس، ويظهر في النسب. ويذكر النسابون الذين يرجعون نسب قضاعة إلى حمير إنها من نسل قضاعة بن مالك بن حمير بن سبأ (علي 1993, ج 1, ص 392). ونلخص هنا قصة هجرة قضاعة عن البكري في كتابه «معجم ما استعجم»: «فاجتمعت نزار بن معد على قضاعة، وأعانتهم كندة، واجتمعت قضاعة وأعانتهم عك والأشعريون، فاقتتل الفريقان، فقهرت قضاعة وأجلوا عن منازلهم... فسارت تيم اللات بن أسد بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة، وفرقة من بني رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة، وفرقة من الأشعريين نحو البحرين، حتى وردوا هجر، وبها يومئذ قوم من النبط، فأجلوهم (البكري, عالم الكتب ط3, 1983: ج1, ص 20 - 21).
قبيلة الأزد
وهي من القبائل القحطانية أما قصة هجرتها للبحرين فنلخصها عن دراسة حسين نصار عن قبيلة الأزد:
«وكان الموطن الأصلي لبني الأزد مَأرِب... وتمر أعوام، فتضيق منطقة مأرب ببني الأزد، بعد أن كثروا، وساءت أحوال اليمن الاقتصادية لإهمال الزراعة ومشروعات الريّ، فيضطر أكثرهم إلى النزوح عن موطنه والتشرد في الأنحاء المختلفة من شبه الجزيرة العربية... ويبدو أنهم اقتنعوا أنهم لن يستطيعوا أن ينزلوا مجتمعين في مكان ما. فانقسموا إلى مجموعتين، سلكت كل منهما طريقاً مستقلاً في هجرتها... وكان احد الطريقين غربياً، انتهى بالمهاجرين إلى الشام، والآخر شرقياً انتهى إلى الحيرة والأنبار... وهكذا نجد في الطريق الغربي بني الحارث بن كعب ينزلون نجران. وبني غامد وبارق ودوس وغيرهم من بني نصر بن الأزد يتخلفون في السراة وخزاعة في بطن مَرّ على مقربة من مكة، والأوس والخزرج في يثرب (المدينة المنورة). وينتهي الطريق بغسان في الشام. ونجد في الطريق الشرقي بني جُديد يتخلفون في رَيسوت على ساحل الشحر بين عمان وعدن، ويحمد وحدان ومالك والحارث وعتيك ورئام في عمان، وجماعة في هجر في البحرين وينتهي الطريق بدوس في الحيرة والأنبار (نصار 1971).
قبيلة إياد
المرجح أنها تنسب لإياد بن نزار بن معد إلا أن الأمر قد اختلط على بعض أهل النسب في قضية «إياد»، فجعلوا إياداً ابناً من أبناء معد. وقد ذكر المسعودي أن إياداً ينسبون إلى القبيل الأكبر، وليست لهم قبائل مشهورة. ويذكر قوم أن ثقيفاً من إياد، ويرى فريق أنهم من قيس عيلان (علي 1993, ج1 ص 397).
وقد كانت مواطنها تهامة إلى حدود نجران، ثم انتشرت بسبب حروب وقعت بينها وبين ربيعة ومضر، فارتحل قسم منها إلى العراق، وانضم قسم آخر إلى قضاعة وأقام بالبحرين، وسكن قسم منها في «وادي بيشة»، وهاجر آخرون إلى بلاد الشام (علي 1993, ج1 ص 396) وقيل إنها سكنت البحرين وذلك أثناء تواجد قضاعة والأزد فيها، فحلت إلى جوارهم، وقيل إنها اختارت جزيرة أوال للإقامة بها (أبو المكارم 1996). وقد دانت قبيلة إياد لغسان، وتنصروا، ولحق أكثرهم بلاد الروم، فيمن دخلها مع جبلة بن الأيهم، من غسان وقضاعة وغيرهم، وبقايا من بقاياهم متفرقون في أجناد الشام ومدائنها، وكان من دخل مع جبلة بن الأيهم من إياد وقضاعة وغسان ولخم وجذام نحو أربعين الفا، وهم معهم إلى اليوم، (البكري, عالم الكتب ط3, 1983: ج1, ص 75).
تابع القراءة على مربع الاجابة اسفل الصفحة جميع المعلومات