الاستطراد في رسالة الغفران تلخيص رسالة الغفران
تلخيص رسالة الغفران
ما معنى الاستطراد في رسالة الغفران
يُعتبر الاستطراد من أهمّ التّقنيات الفنيّة التي اعتمدها أبو العلاء المعرّي في "رسالة الغفران"، وليس الاستطراد من الظّواهر الفنيّة الجديدة، بل هو تقليد فنّيّ راسخ في الثّقافة العربيّة الإسلاميّة، وليس أدلّ على ذلك من كتابي "الإمتاع والمؤانسة" لأبي حيّان التّوحيديّ، و"الحيوان" للجاحظ، فكلاهما جمع بين مجموعة كثيرة من المواضيع والقضايا والظّواهر المعرفيّة والعلميّة والاجتماعيّة والدّينيّة، والاستطراد يعني "أنْ يجمع الكاتب بين مواضيع مختلفة في حديث واحد، وأنْ ينصرف من الموضوع الرّئيسيّ ليتناول الموضوع الفرعيّ، ويُسهب فيه إلى درجة تُنسي المتقبّل الموضوع الرّئيسيّ، وتُعطّل الاهتمام به". وأهمّ ما يُذكر بشأن الاستطراد في "الغفران" أنّه يُعطّل سير القصّة الرّئيسيّة، ويُهمّش البطل ابن القارح، ويُدخل المسرود له في مواضيع فرعيّة، فيطرح من خلالها مجموعة من القضايا التي تشغل المعرّي، وتثير أبناء عصره...
I ـ أنواع الاستطراد في "رسالة الغفران":
1 ـ الاستطراد السّرديّ: أهمّ استطراد في الرّسالة، وفيه ينصرف السّارد عن سرد القصّة الرّئيسيّة المتعلّقة بابن القارح إلى سرد قصّة شخصيّة فرعيّة، وتكون هذه القصّة عرضيّة، ويمكن حذفها دون أنْ تختلّ بنية الرّسالة(أذكر أمثلة..).
2 ـ الاستطراد اللّغويّ: لعلّه يكون من أهمّ أنواع الاستطراد في الرّسالة إلى جانب الاستطراد السّرديّ، وترى فيه السّارد يفسّر الألفاظ المستعصية، ويُكثر من الشّروح اللّغويّة، ويٌُقدّم للكلمة مختلف المرادفات حسب اختلاف اللّهجات.
3 ـ الاستطراد الشّعريّ: يتجلّى من خلال الإكثار من الاستشهاد بالشّعر ممّا يحوّل الرّسالة من النّثر إلى الشّعر...
4 ـ الاستطراد النّقديّ: يتجلّى حين يتحوّل الخطاب من السّرد إلى الحوار، ومن القصّ إلى النّقد، وتُطرح القضايا الأدبيّة مثل الاختلاف في بعض المسائل الشّعريّة، والقضايا اللّغويّة، والعروضيّة والبلاغيّة.
5 ـ الاستطراد الدّينيّ: نلمحه حين ينصرف السّارد إلى تناول بعض المسائل الدّينيّة، أو حين يستشهد بالآيات القرآنيّة ثمّ يُفسّر بعض الكلمات والمعاني.
II ـ وظائف الاستطراد في "رسالة الغفران":
تتعدّد وظائف الاستطراد في "رسالة الغفران"، مثلما تتعدّد وظائف أيّ نوع من أنواع الخطاب اللّغويّ، وذلك للعلاقة التي يُنشئها الخطاب بين المرسِل والمرسَل إليه والرّسالة، ويمكن تبعًا لذلك أنْ نتبيّن الوظائف التّالية:
1 ـ بالنّسبة إلى المرسِل: وهو كاتب "رسالة الغفران" ومنشئ الخطاب، والغايات التي يُحقّقها له الاستطراد عديدة، ومنها: إبراز براعته في إنشاء عالم قصصيّ متخيَّل، واستعراض محفوظه من الشّعر والقرآن، والقدرة على المساهمة بآرائه في القضايا الثّقافيّة والدّينيّة والاجتماعيّة، وتقزيم معارف ابن القارح، والسّخرية منه، وجعله في منزلة الجاهل المحتاج إلى التّعلّم منه، وتحقيق التّرفيه والاستمتاع والضّحك وإخراج نفسه من الجوّ القاتم لتلك العزلة التي فرضها على نفسه.
2 ـ بالنّسبة إلى المرسَل إليه: التّلاعب به بطلاً (القصّ) والسّخرية منه برسم في مشاهد مهينة، وتحطيم أعصابه قارئًا (التّرسّل)، وتحقير معارفه، وتلقينه المعارف التي يجهلها ويدّعي امتلاكها، وإطماعه بالقدرة على الدّخول إلى الجنّة أحيانًا، وتخويفه من المصير، وتعسيره أحيانًا أخرى، وتزييف توبته، وإبطال إيمانه، وتحقيره وتهميشه، وفضح شهوانيّته.
3 ـ بالنّسبة إلى المسرود له (القارئ عامة): إمتاعه بنصّ قصصيّ طريف، وتنبيهه إلى حقيقة شخصيّة ابن القارح، وإقناعه بقدرات الكاتب المعرفيّة، وموسوعيّة ثقافته، والمساهمة في تكوينه، وإضحاكه، وتنبيهه إلى قضايا عصره.
4 ـ بالنّسبة إلى الرّسالة: المساهمة في جعلها رسالة طريفة جامعة بين الهزل والجدّ، والإمتاع والإفادة