في تصنيف ثقافة إسلامية بواسطة

خطبة يوم الجمعة بعنوان  العبادة زمن الفتن والابتلاءات)2021 

خطبة يوم الجمعة بعنوان العبادة زمن الفتن والابتلاءات)2021 

 الحمد لله رب الأرباب ، مسبب الأسباب ، الملك الرحيم الغفور التواب ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،لا شك في ذلك ولا ارتياب ، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله ، المبعوث بأفضل كتاب ، والذي فتح للخير كل باب ،صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه وأهل بيته إلى يوم الجزاء والحساب .

عباد الله : اتقوا الله حق التقوى ، فتقوى الله سبحانه وتعالى هي السلامة والنجاة في كل وقت وحين .

عباد الله : إن الموفقَ من جعلَ كلَ حياته في عبادةِ اللهِ عز وجل ، يعرفَ الله في الرخاءِ والشدةِ ، ويحمده في الرضا والغضبِ ، ويدعوه في الغنى و الفقرِ ، لا يخاف إلا الله ، ولا يخشى إلا الله ، يؤدي ما فُرض عليه رجاء ثوابِ الله وخشية عذابِ الله ، ويترك ما نهي عنه طاعةً لله سبحانه وتعالى ، يتوب إليه في كل لحظةٍ وحين ، ويذكره مع جموع الذاكرين ، ويستغفره من كل ذنب وخطيئة فطوبي للمستغفرين .

قال الله تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾.

عباد الله : في هذا الزمنِ الذي تكثرُ فيه الفتنُ والابتلاءات ، وتختلط فيه الأمورُ ، وتكثرُ الأوبئةُ والأمراض ، يصبح واجباً على المرء أن يراجع نفسه مع عبادة الله عز وجل ، فهذه الأحداث دعوةٌ للرجوعِ إلى اللهِ سبحانه وتعالى قال تعالى : ﴿وَبَلَوْنَٰهُم بِٱلْحَسَنَٰتِ وَٱلسَّيِّـَٔاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾.

ففي عبادةِ الله وقايةٌ من وساوسِ الشيطان ، وخرافةِ الجهال ، التي تصيب كل قلبٍ خاوٍ فارغٍ من ذكرِ الله وعبادته، وفي عبادة الله طمأنينةُ القلبِ ، وراحةُ البال ، وفي عبادةِ الله يقينٌ دائم ، ورضى مستمر ، وفضلٌ عظيم ، وخيٌر عميم.

فينظر المرء إلى كمالِ توحيدِ اللهِ سبحانه وتعالى في قلبه ، فيحسنُ التوكلَ على اللهِ سبحانه وتعالى ، قال تعالى :﴿ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾.

ويحسن الظن بالله عز وجل ، ويحذر من القنوط واليأس من رحمة الله سبحانه وتعالى ،فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ:( قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي( رواه البخاري ومسلم .ويرضى بما قسم الله له ويؤمن بقضاء الله وقدره ، ويعلم يقيناً أن كل شيء في هذا الكون بأمر الله وتصريفه ،قال تعالى : ﴿ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ ويدعو الله وحده ولا يشرك أحداً في عبادته ، قال تعالى: ﴿قَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾.

ويأتي بكمال التوحيد من الخوف والرجاء والخشية والاستغاثة فلا يصرفها إلا لله سبحانه وتعالى. 

وفي زمن الفتن والمحن والابتلاءات ينظر المرء إلى حسن عبادته لله عز وجل ، ينظر إلى الصلاة وتمامها وكمالها وحسنها فمن كان لها مضيعاً فلغيرها أضيع ، وينظر إلى فرائض الله سبحانه وتعالى ، من صومٍ وزكاةٍ وحجٍ وأمرٍ بالمعروفِ ونهيٍ عن المنكرِ ، ومن أشد الأمور وأعظمها على المرء أن يضيع ما فُرض عليه ،ويزداد الأمر شدةً وهلكةً وجرماً أن يضيع كل ذلك في وقت المحن والفتن والابتلاءات جاء عن النعمان بن بشير الأنصاري رضي الله عنه قال) :إِنَّ الْهَلَكَةَ كُلَّ الْهَلَكَةِ أَنْ تَعْمَلَ السَيئات فِي زَمَانِ الْبَلَاءِ( .

وفي زمن الفتن والمحن والابتلاءات يهرع المؤمن إلى الله سبحانه وتعالى ، معترفاً بذنبه وتقصيره ، راجياً عفوه وغفرانه ، فهذه البلايا والمصائب هي نذيرٌ من النذر ، بذنبِ وقع ، وتقصيرٍ حصل، وغفلةٍ جرت ورائها غضبٌ من رب العالمين قال تعالى : ﴿أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَاراً وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ﴾.

عباد الله : نسأل الله سبحانه وتعالى أن يصلح لنا نياتنا ، ويقبل منا أعمالنا ، ويتجاوز عن خطأنا وزللنا ، ويغفر لنا ذنوبنا ، ويصرف عنا وعن جميع المسلمين الوباء والبلاء وكل الفتن ما ظهر منها وما بطن .

أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية :

الحمد لله وكفى ، والصلاة والسلام على نبيه المصطفى ، وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه وأقتفى .

أما بعد : عباد الله اتقوا الله.

عباد الله : في هذه الأيام رجعت احصائيات فيروس كورونا بالارتفاع والتزايد ، وهنا نذكر جميع إخواننا ممن يستمع إلينا بأهمية المحافظة على النفس والوقاية من الأمراض فهذا واجب شرعي يؤجر من يقوم به ويؤثم من يفرط فيه قال تعالى : ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾، ومن عظيم ما يوصى به في هذا المقام مقام المحافظة على النفس اتباع التوصيات الصحية الصادرة من أهل الثقة في مجال الصحة والوقاية ، ومنها التباعد ولبس الكمامات وأخذ اللقاح الخاص بالفيروس واجتناب أماكن الزحام ، ومن ظهرت عليه أعراض المرض يقوم بعزل نفسه ، وعدم مزاحمة الناس في الأماكن العامة ، وحتى في المساجد دار العبادة يعذر من ظهرت عليه أعراض المرض من الحضور إليها .

عباد الله :علينا جميعاً أن نكون عوناً للجهات الرسمية الصحية والأمنية في مواجهة هذه الجائحة، حفاظاً على سلامتنا وسلامة أهالينا وإخواننا ، وطاعة لولي الأمر الذي أمر بهذه الاجراءات لمصلحة عامة الكل شاهدها عندما التزمنا بالتعليمات في مرحلة الفيروس الأولى، ونسأل الله أن يوفقنا على تمام الالتزام في هذه المرحلة . 

عباد الله: اعلموا أن أصدق الحديث كلام الله , وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها و كل محدثة بدعة , وكل بدعة ضلالة , وعليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة، ومن شد شد في النار ، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية .

اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك وجميع سخطك 

اللهم إنا نعوذ بك من البرص والجذام والجنون وسيء الاسقام . 

اللهم أصرف عنا وعن جميع المسلمين هذا الوباء برحمتك يا رب العالمين .

اللهمَّ آمِنَّا في أوطانِنا ، وأصلح أئمتَنا وولاةَ أمورِنا . اللهمَّ وفِّق وليَّ أمرنا لهداك ، واجعل عملَه في رضاك .

اللهمَّ وآتِ نفوسَنا تقواها ، زكِّها أنت خير مَن زكّاها أنت وليُّها ومولاها .

عباد الله : اذكروا الله يذكركم ، واشكروه على نِعَمِهِ يزدكم

  وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ 

              وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

خطبة يوم الجمعة بعنوان العبادة زمن الفتن والابتلاءات)2021 خطبة يوم الجمعة بعنوان العبادة زمن الفتن والابتلاءات)2021 خطبة يوم الجمعة بعنوان العبادة زمن الفتن والابتلاءات)2021 خطبة يوم الجمعة بعنوان العبادة زمن الفتن والابتلاءات)2021 خطبة يوم الجمعة بعنوان العبادة زمن الفتن والابتلاءات)2021 

1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة
خطـــبــــة جـــيـــــدة بعـــنـــــــوان من.تدعوا.عليهم.الملائكة.أوتلعنهم

الخطبة الأولى

الحمد لله فاطر السموات والأرض جاعل الملائكة رسلاً أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إن الله على كل شيء قدير, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. أما بعد (يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته )

عباد الله تحدثنا في جمع ماضية أن الملائكة الكرام من أكثر الخلق استجابة للدعوات، فدعاؤهم مستجاب؛ لأنهم لا يقولون قولاً لم يأذن فيه الله -عز وجل-، ولا يعملون عملاً، ولا يدعون إلا لمن كان مرضيًا عند الله -تعالى-، وذكرنا ما ثبت في كتاب الله وصحيح سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ممن تدعو لهم الملائكة بالرحمة والمغفرة، وتصلي عليهم، وتستغفر لهم، واستكمالاً، فهناك الأشقياء الذين تدعو عليهم الملائكة وتلعنهم، أولئك المبعدون عن رحمة الله -جل وعلا-، الذين تصبحهم وتمسيهم اللعنات -والعياذ بالله-.

*وأول هؤلاء: من كفر بالله ورسوله، ومات على الكفر، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ)[البقرة:161- 162]

فهنيئًا للكفار من اليهود والنصارى والملاحدة ومن شايعهم هنيئًا لهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين فهم وإن طغوا وبغوا وتجبروا، وإن تمتعوا وسيطروا وحكموا وإن تكبروا وأفسدوا فهم إلى اللعنة والنار: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ)[محمد: 12].

لا تنفعهم شفاعة ولا وسيلة وفي اجتماع كل هذه اللعنات على الكافر زيادة في مقته وخزيه ونكاله، وبيان أنه لا يُرجى أن يرأف به رائف، لا من ملائكة ومن إنس، ولا أن يشفع له شافع لأن اللعنة صُبت عليه صبًّا - نعوذ بالله من الكفر-.

*ثانيا وممن تلعنهم الملائكة: من يرتد بعد إيمانه، ويكفر بعد إسلامه بعد أن جاءته البينات، وشهد أن الرسول حق، قال تعالى: (كَيْفَ يَهْدِي اللّهُ قَوْمًا كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُواْ أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * أُوْلَئِكَ جَزَآؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُواْ فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [آل عمران: 86-89].

نعوذ بالله من الضلال بعد الهدى، ونسأله الثبات على دينه حتى الممات، وأن لا يجعلنا ممن كفر بعد إيمانه، فاستحق العذاب في الدنيا والآخرة.

ولذا كان يكثر في دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك"؛ لأنه قد يرتد الإنسان عن دينه وإيمانه وهو لا يشعر، فيكون ملعونًا بارتداده ونكوصه عند الهدى وهو لا يدري -نعوذ بالله من ذلك-.

*عباد الله ثالثا وممن تلعنه الملائكة: من نقض أمان مسلم، لما في الصحيحين عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: "وذمة المسلمين واحدة، يسعى بها أدناهم، فمن أخفر مسلمًا -أي نقض عهده وأمانه للكافر- فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يُقبل منه يوم القيامة صرفٌ ولا عدلٌ".»[رواه البخاري].

فإذا أعطى مسلم لكافر عهدًا ثم نقضه وغدر به حقت عليه اللعنة مهما كان هذا المسلم، عبدًا أو حُرًّا، رجلاً أو امرأة، فقد استجار كافر بامرأة من المسلمين على عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال: "لقد أجرنا من أجرتِ يا أم هانئ". هذا هو دين الله، أمان ووفاء بالعهد حتى مع الكفار، فكيف بمن ينقضون الأمان والعهد مع المسلمين؟!

*رابعا ومن المعرّضين أنفسهم للعنة الملائكة ودعائهم: الممسك ماله عن الإنفاق: "اللهم أعط ممسكًا تلفًا".

قال ابن حجر: "وأما الدعاء بالتلف، فيحتمل تلف ذلك المال بعينه، أو تلف نفس صاحب المال".

* خامسا عباد الله وممن تدعو عليهم الملائكة من سبُّ الصَّحابة -رضوان الله عليهم-:

جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (من سبّ أصحابي، فعليه لعنة الله والملائكة، والناس أجمعين) رواه الطبراني في المعجم الكبير وحسَّنه الألباني وذلك لما لهم من نصرة الدِّين وللنبي صلى الله عليه وسلم وآزروه وآووه، وفدوه بأرواحهم وأموالهم وأولادهم. فسبُّهم من أكبر الكبائر وأفجر الفجور

*سادسا وممن تلعنهم الملائكة -عياذًا بالله-: من أحدث في المدينة النبوية حدثًا، أو آوى فيها محدثًا؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: "المدينة حرم، فمن أحدث فيها حدثًا، أو آوى محدثًا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه يوم القيامة صرف ولا عدل". رواه مسلم

وهذا بسبب حرمة المدينة، وما لها عند الله من جلالة، ومعنى: "من أحدث فيها حدثًا" أي أتى فيها إثماً وأظهر فيها منكرًا وبدعة: "أو آوى محدثًا" أي حماه وتولاه. وقيل: من نصر جانيًا وأجاره من خصمه وحال دون أن يقتص منه. في صحيح مسلم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من أراد أهل المدينة بسوء أذابه الله بالنار ذوب الرصاص، أو ذوب الملح في الماء".

وكذلك ظلم أهل المدينة وإخافتهم:

قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «اللهمَّ من ظلم أهل المدينة وأخافهم؛ فأخفه، وعليه لعنة الله والملائكة والنَّاس أجمعين، ولا يقبل منه صرفًا ولاعدلًا» [صحَّحه الألباني في صحيح التَّرغيب]. أعظم جريمة إخافة بني آدم فكيف من أخاف أهل مدينة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-

*سابعا وممن تدعو عليهم الملائكة وجبريل خاصةً يدعو عليهم، وأمّن على دعائه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من قال عنهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أتاني جبريل فقال: "يا محمد من أدرك رمضان فلما يغفر، فأبعده الله، قلت آمين: قال: ومن أدرك والديه أو أحدهما، فدخل النار، فأبعده الله، قلت: آمين، فقال: من ذُكرت عنده فلم يصل عليك فأبعده الله، قل آمين فقلت: آمين".

فكم هو تفريطٌ وخسرانٌ يحرم العبد نفسه من الأجر العظيم، ويعرضها لدعاء ومقت الملائكة، والبعد عن الله والنار، بفوات شهر رمضان دون رحمة ومغفرة، وبالغفلة عن الصلاة على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حين يذكر، وبالتفريط في بر الوالدين عند كبرهما -نعوذ بالله أن نكون منهم-.

*ثامنا معاشر المسلمين: ومن العصاة الذين تلعنهم الملائكة: المرأة يدعوها زوجها إلى فراشه فتأبى عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأته فبات غضبان عليها؛ لعنتها الملائكة حتى تُصبح) متفق عليه، وفي روايةٍ أخرى: (إذا باتت المرأة هاجرة لفراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح، أو تراجِع) وهي في سنن أبي داود، وفي رواية لمسلم: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطًا عليها حتى يرضى عنها".

عباد الله قوام الزواج ومبناه على الألفة والمحبّة، والتواصل والتراحم، والمعاشرة الحسنة بالمعروف، وإعطاء كلّ ذي حقٍّ من الزوجين حقّه للآخر، كما قال الله تعالى: {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف} (البقرة: 228)، وفي هذا الإطار يكون امتناع الزوجة عن موافقة زوجها في طلب الفراش أمراً مستنكراً شرعاً، مستقبحاً عُرفاً؛ إذ أنه المقصود الأوّل للحياة الزوجيّة، والسبب الأوحد في دوام الذريّة، ولعظم هذه العلاقة من جهة، وعظم حقّ الزوج وضعفه أمام فتنة النساء، كانت المرأة الممتنعة عن حقّ زوجها مستوجبةً للعنة الملائكة لها.

قال الإمام النووي: هذا دليل على تحريم امتناعها من غير عذر شرعي، وليس الحيض العذر في الامتناع؛ لأن له حقًّا في الاستمتاع بها فوق الإزار. وقال أيضا: وتستمر اللعنة على المرأة، حتى تزول المعصية بطلوع الفجر، والاستغناء عنها، أو بتوبتها ورجوعها.

*تاسعا عباد الله: ومن الأشقياء الذين تلعنهم ملائكة الرحمن: من قال فيهم النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من أشار إلى أخيه بحديدة، فإن الملائكة تلعنه، حتى وإن كان أخاه لأبيه وأمه". رواه مسلم ويدخل في هذا: المزاح بالسيارات والدراجات النارية، وللتساهل في هذا حدثت حوادث تحولت فيها الابتسامات إلى دموع، والصداقة والصفاء إلى كراهية وعداء. فمن روّع أخاه المسلم وخوّفه وعرّضه لما يؤذيه، فقد حلّت به اللعنة: "وإن كان أخاه لأبيه وأمه". وهذا مبالغة في إيضاح التحريم والنهي في كل مسلم، حتى من لا يُتهم فيه الإنسان كأخيه، وتأكيدًا للتحريم هزلاً ولعبًا.

وعليه، فكل حديدة أو سلاح، لا يجوز الإشارة بها لمسلم، ولو كان الإنسان مازحًا؛ لأن فيه ترويع للمسلم، ولأن الشيطان قد يوقعه مازحًا أو عامدًا أو مستهينًا في قتل نفس مؤمنة.

عباد الله إذا كانت الإشارة لمسلم بسلاح، ولو كان مازحًا موجبة للعن الملائكة، فكيف بالله عليكم تكون عقوبة وجرم وذنب وجريرة من قتل مسلمًا مؤمنًا بغير حق؟!

إننا -عباد الله- نعيش في زمن ووقت كثر فيه القتل بغير حق، وانتشر فيه إزهاق الأرواح البريئة، وقتل النفوس الضعيفة، لأسباب ولغير أسباب.؛ استهان كثير من الناس واستهتروا بالحقوق والحدود والدماء، وتجرؤا على الموبقات، ومنها: القتل -والعياذ بالله وقال جل من قائل: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)[النساء: 93]. أربع عقوبات عظيمة كل واحدة منها توجل القلب، وتفزع النفس: جهنم خالدًا فيها، فيا ويله ما أصبره على نار جهنم التي فضلّت على نار الدنيا كلّها بتسعة وستين ضعفًا، وغضب الله عليه، وبئسما حصّل لنفسه مع غضب الرب العظيم الجليل عليه، ولعنه، فطرده وأبعده عن رحمته، وأعدّ له عذابًا عظيمًا. فويلٌ ثم ويلٌ لقاتل النفس المؤمنة من النار، وغضب الجبار، واللعنة والعذاب العظيم.

قلت ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه انه غافر الذنوب والخطيئات

الخطبـــة.الثانيـــة.cc

الحمد لله لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع والصلاة والسلام على أشرف خلق الله محمد بن عبد الله وبعـــد:

*عباد الله عاشرا وممن تلعنهم الملائكة كذلك: من حال دون الاقتصاص ممن وجب عليه القصاص بسبب قتله غير عمدًا؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من قُتل عمدًا فهو قَـدٌ أي قصاص ومن حال بينه وبينه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفًا ولا عدلاً". رواه البخاري، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من حالت شفاعته دون حدّ من حدود الله فقد ضاد الله في أمره"؛ لأن في إقامة الحدود والقصاص رحمة بالأمة، وإحسانًا إليهم، وحياةً هنيئة -بإذن الله- كما قال تعالى: (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ)[البقرة: 179]. فالذي يحول دون تنفيذ حكم الله في قتل القاتل عمدًا بجاهٍ أو مالٍ؛ فهو عدو للأمة، عدو للناس أجمعين، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، وإذا كان هذا وعيد من حال دون تنفيذ حكم واحدٍ في القتل، فكيف بالذي يحول دون تنفيذ شريعة الله كلّها؟!

نعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، وسلطانه القديم أن نقترف شيئًا من موجبات لعنته، أو لعنة رسوله، أو لعنة ملائكته.

* عباد الله الحادي عشر لعن الملائكة لمن أحدث حدثاً، أو آوى محُدثاً:

عن أنس رضي الله عنه، أن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: (من أحدَثَ حَدَثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين) رواه البخاري، وجاء في سنن أبي داود عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: (من أحدث حَدَثاً، أو آوى مُحدِثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين)، فاللعن هنا يترتّب على مسألتين:

الأولى: إحداث الحَدَث، وله عدّة معانٍ يحتملها اللفظ لغة منها: الابتداع في دين الله ما لم يأذن به الشارع، ومنها: الإحداث في أمور الدنيا، من الجرائم ونحوها،

الثاني: إيواء المُحدث، ويشمل ذلك المبتدع في دين الله تعالى، أو إيواء الجاني ونصرته والدفاع عنه، ومنعهِ من خصمه، ومن دخل في المسألتين السابقتين فهو ملعونٌ من الملائكة على لسان الشريعة.

*عباد الله أما الأمر الثاني عشر وممن تلعنهم الملائكة: لمن انتسب إلى غير أبيه

جاء في حديث علي رضي الله عنه أن النبي –صلى الله عليه وسلم: (من والى قوما بغير إذن مواليه، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا ومن ادعى إلى غير أبيه، أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفًا ولا عدلاً. متفق عليه. فالحديث كما يقول الإمام النووي صريح في تغليظ تحريم انتماء الإنسان إلى غير أبيه لما فيه من كفر النعمة وتضييع حقوق الإرث والولاء مع ما فيه من قطيعة الرحم والعقوق

وبهذا المعنى جاء حديث سعد بن مالك رضي الله عنه، أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: (من ادّعى إلى غير أبيه، وهو يعلم، فالجنة عليه حرام) رواه البخاري. قال تعالى (ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ)الأحزاب5

هذا وصلوا وسلموا على النبي المصطفى والحبيب المرتضى كما أمركم بذلك المولى جلَّ وعَلا فقال تعالى قولاً كريماً : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً }

اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا واحفظ بلادنا واقض ديوننا واشف أمراضنا وعافنا واعف عنا وأكرمنا ولا تهنا وآثرنا ولا تؤاثر علينا وارحم موتانا واغفر لنا ولوالدينا وأصلح أحوالنا وأحسن ختامنا يارب العالمين

إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربي وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله اكبر واقم الصلاة

ــًــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اسئلة متعلقة

...