خطبة جمعة بعنوان نصرة أهل غزة
خطبة جمعة بعنوان
نصرة أهل غزة
عناصر الخطبة
1/ فضل المسلمين 2/ أثر المسلمين على البشرية 3/ أسباب تسلط الكافرين علينا 4/ محاباة المؤسسات الدولية في تطبيق القانون لصالح اليهود 5/ معاناة الفلسطينيين لعقود طويلة 6/ غزة أنموذجاً في المعاناة 7/ من لوازم و مقتضيات الدفاع عن الحق 8/ وجوب الدعم المادي والمعنوي لأبناء غزة
الإجابة هي كالتالي
خطبة جمعة بعنوان نصرة أهل غزة
الخطبة الأولى
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين، أحمد ربي وأشكره وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمداً عبده ورسوله الصادق الأمين، اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمدٍ وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين.
أما بعد: فأوصيكم بتقوى الله في السر والعلانية، فاتقوا الله.. فتقوى الله فوزٌ بكل مرغوب ونجاةٌ من كل شرٍّ وكرب، يصلح الله بها الآخرة: ( وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً ) [الطلاق: 4].
أيها الناس: إن أثر المسلمين على البشرية أحسن الأثر، وإن فضل هؤلاء المسلمين على الإنسانية فضلٌ كبير نفع الله به الإنسانية في الدنيا والآخرة..
وإن المسلمين قدموا للناس منذ بعث الله -تعالى- نبي الرحمة سيد البشر نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- قدموا لها من العلوم النافعة والعدل والسلم والرحمة والأخلاق الفاضلة ما لم تقدم أمةٌ من الأمم قبلها، ونبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- وارث الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- أمره الله -تعالى- أن يقتدي بهم؛ فدينه هو الحق المحفوظ لم يغير ولم يبدل والأمم قبله غيروا وبدلوا ما جاءت به الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- فضلَّ المغيرون والمبدلون وأضلوا فصاروا على غير شيء من الحق..
وأما من كان متمسكًا قبل نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- بتعاليم نبيه المبعوث إليه في زمانه مؤمنًا بما جاء بعده من الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- فهو من المسلمين.. قال تعالى: ( وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ ) [يونس: 84]، وقال تعالى عن سحرة فرعون الذين آمنوا بموسى -صلى الله عليه وسلم-: ( وَمَا تَنقِمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ ) [الأعراف: 126]، وقال تعالى عن الذين آمنوا بعيسى -صلى الله عليه وسلم-: ( فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ) [آل عمران: 52]..
ومن آمن بمحمدٍ -صلى الله عليه وسلم- من أهل الكتاب فله أجران.. قال الله -تعالى-: ( وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ * أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ) [القصص: 52 – 54]..
ومن لم يؤمن بنبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- فهو كافر بالله العظيم.. قال الله -تعالى-: ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) [التغابن: 10]، وقال تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ ) [البينة: 6]، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- " والذي نفسي بيده.. لا يسمع بي يهوديٌّ ولا نصرانيٌّ ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار " رواه مسلم.
ومع حسن أثر المسلمين على البشرية ومع كثرة الخيرات وازدهار الحياة التي أجراها الله على أيديهم للناس فقد كادهم أعداء الإسلام بأنواع المكائد كلها، فما أحسن أثر المسلمين على الناس.. وما أقبح أثر الناس عليهم !.
وتعرض المسلمون في القرون الأخيرة لأبشع أنواع الاضطهاد والظلم في بلدان كثيرة، واحتل بعض أعداء الإسلام بعض الأقطار الإسلامية، وكان موقف المسلمين في هذه القرون المتأخرة موقف الدفاع عن دينهم وأعراضهم وديارهم وأموالهم؛ فنجحوا مرات في رفع الظلم والاضطهاد الواقع عليهم وأخفقوا بعض المرات.. والعاقبة للمتقين.
ولذلك التسلط من أعداء الإسلام أسبابٌ من المسلمين وأسبابٌ من أعدائهم، ومردُّ الأسباب من المسلمين: تقصيرهم في تطبيق دينهم، وكثرة ظهور البدع، وتفرقهم واختلاف آرائهم.
ومرد الأسباب من أعداء الإسلام: اتفاقهم على حرب الإسلام، وحقدهم الأسود الذي لا يزول، وسعيهم في تفريق المسلمين بكل الوسائل، ونشرهم كل ما يضاد الإسلام في العقيدة والأخلاق والعادات وغيرها.
وقد شاهدنا أحداثًا قريبة وظلمًا وقع على المسلمين مع صمت العالم الذي يصنع القرار وحرمان المظلومين من حماية القانون الدولي، وتخلي المؤسسات الدولية عن المدافعة عن حقوق المسلمين المظلومين في دينهم وأوطانهم وأموالهم.
وإننا نحن المسلمين لا نطمع أن ينصرنا أحد غير الله -تعالى- أو يحل مشاكلنا أعداء الإسلام وإنما رب العالمين.. والذي ينصرنا إن استقمنا على دينه.. قال الله -تعالى-: ( وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ) [الحج: 40].
ولكننا نبين للعالم أن المؤسسات الدولية التي تصنع القرار لم تعد تفرق بين الظالم والمظلوم، وما ندري هل أصابتها الشيخوخة أو تبلد الإحساس وفقدانه؟ والعدوان على غزة شاهد عيان.
وإذا عجز المسلمون عن حل مشاكلهم بأنفسهم بالحق فأعداؤهم لن يقدموا لهم خيراً، والأحداث تثبت يومًا بعد يوم أنه يكل للمسلمين بمكيالين ويعاملون مع غيرهم بمعاملتين من غير حياءٍ ولا خوف..
ولا خير في الحياة إذا كان القوي يأكل الضعيف، وقد أصبحت الأمور واضحة لكل أحدٍ من المسلمين، ولا يقدر أعداء الإسلام أن يخفوها أو يغيروها بخداع الإعلام.
والقضية التي خدع فيها المسلمون (قضية فلسطين).. وهي قضية إسلامية مصيرية، كما ظلموا في قضايا أخرى معروفة للعالم كله..
والفلسطينيون لقوا بلاءً وتشريداً وتقتيلاً ومظالم على يد الصهاينة الغاصبين، والفلسطينيون يسعون إلى حفظ كرامتهم والحصول على حقوقهم المسلوبة ورفع الظلم والعدوان عنهم ورعاية مصالح شعبهم الذي توالت عليه النكبات والمصائب، ومن حقهم إقامة دولة فلسطينية لهم عاصمتها القدس في أرضهم ترعى مصالحهم.
وقد عانى الشعب الفلسطيني طيلة عقود، وتعرضوا لمجازر رهيبة تشير إلى حرب إبادة في غياب العدل والرحمة والإحسان وكرم الأخلاق، وفي ظل التسلط والتجبر والإرهاب والقسوة والمطامع الدنيئة.
وهذه غزة المحاصرة -التي اصطلت بنار الحرب براً وبحراً وجوّا- يصرخ فيها الأطفال والنساء والشيوخ والمظلومون لنجدتهم ورفع الظلم عنهم وفك حصارهم وإطفاء نار حرب الصهاينة المعتدين أعداء الله وأعداء الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- وأعداء البشرية..
والمجتمع الدولي لن يعفيه التاريخ من السكوت عن السكوت على هذا العدوان الآثم، وإن الفلسطينيين في غزة في موقف دفاع عن أنفسهم وفي خندق رباط يدافعون عن الضعفاء، والدفاع عن الحق مهمة شاقة وشريفة يوفق الله لها من يشاء من عباده ويجزيه أحسن الثواب في الدنيا والآخرة، والدفاع عن الحق يوجب الاعتصام بكتاب الله -تعالى- وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- كما يوجب الاجتماع والإتلاف، وعدم الفرقة والاختلاف..قال الله -تعالى-:( وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً ) [آل عمران: 103]، ويقول -تعالى-:( وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) [الأنفال: 46].
كما يوجب الدفاع عن الحق التمسك بهدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونبذ البدع كلها..قال الله -تعالى-:( قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ) [النور: 54]، ( إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ) [الإسراء: 9]، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: " إن أحسن الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم- وشر الأمور محدثاتها " وقال -صلى الله عليه وسلم-: " وجعل الصغار والذلة على من خالف أمري "، وكل مبتدع مخذول كتب الله عليه الذلة؛ لمعاندته لله -تعالى- قال الله - عز وجل -:( إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ * كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ) [المجادلة: 20 – 21]، فليحذر كل مسلم من البدع كلها؛ لكي لا يدخل على دينه وأمته شراً عظيماً.
كما يوجب الدفاع عن الحق هجر المعاصي والقيام بالفرائض؛ فإن الله يتولى من هجر المعاصي وأدى الواجبات ويعينه ويحفظه ويوفقه قال الله -تعالى-:( إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا ) [الحج: 38]، وقال -تعالى-:( إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ ) النحل – 128، وقال - عز وجل -:( وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً ) النساء – 141، وقال الله -تعالى-: ( ومَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ) [النور: 52].
وليس أضر على المسلم من المعاصي وتضييع الواجبات.
كما يوجب الدفاع عن الحق الصبر الدائم.. قال تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) [البقرة: – 153]، وقال تعالى: ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ ) [الزمر: 10]، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: " واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا ".
تابع قراءة الخطبة الأولى والثانية