المنهج النفسي في العصر الحديث
ملخص المنهج النفسي في العصر الحديث
مرحباً بكم متابعينا الأعزاء طلاب وطالبات العلم في موقعنا النورس العربي منبع المعلومات والحلول الذي يقدم لكم أفضل الأسئله بإجابتها الصحيحه من شتى المجالات التعلمية من مقرر المناهج التعليمية والثقافية ويسعدنا أن نقدم لكم حل السؤال الذي يقول........ المنهج النفسي في العصر الحديث
الإجابة هي
: المنهج النفسي في العصر الحديث.
لم يكن النقاد العرب بمعزل عن هذا التأثر، فقد أدلوا بدلوهم في هذا المجال، وأفادوا منه، أمثال النويهي الذي سعى إلى استنباط الخصائص النفسية ومظاهر السلوك المتجلية في أشعار أبي نواس ولكنه انجرف كثيراً في هذا التيار فبيد عمله في كثير من الأحيان بعيداً عن الدقة والموضوعية و أقرب إلى الأهواء الشخصية، وقد انتهى إلى تفسير تعقيده بالاضطراب الجسماني المتصل بطبيعة تكوينه، نتيجة لإرهاف في حسه وتوتر في أعصابه، ولرابطة الأمومة الناشئة من تزوج أمه بغير أبيه عقب وفاته؛ مما قاده إلى ضروب من الشذوذ، أبرزها تعلقه بالخمرة وإحساسه نحوها إحساس الولد نحو أمه .
وسعى العقاد في دراسته شخصية أبي نواس إلى تفسير نفسيته في ضوء العقدة المرضية المعروفة بـ"النرجسية"، وهاتين الدراستين تنطلقان من مقولات مدرسة التحليل النفسي الفرويدي ، ولكنه بالغ أيضاً في تعاطيه ودراسته شأنه في ذلك شان النويهي.
وقد تمثل المازني في دراسته لبشار بن برد منهج "أدلر" في النقد، فقد أرجع ولوع الشاعر بهجاء الناس وشتمهم إلى عقدة النقص التي يعاني منها بسبب كونه أحد الشعراء الموالي أولاً، وكفيفاً ثانياً، فإن قوة بدنه وسلاطة لسانه أغرتاه بالتماس القوة الأدبية لتعويض عما يحسه، وإشعار الناس بقدرته على البطش المعني في مقابل عجزه الخلقي .
ومن النقاد العرب الذين قدموا دراسات في هذا المجال: العقاد في كتابه: "ابن الرومي، حياته من شعره"، وطه حسين في كتابه: مع أبي العلاء في سجنه"، وأمين الخولي في كتابه: "البلاغة وعلم النفس"، ومحمد خلف الله في كتابه: "من الوجهة النفسية في دراسة الأدب ونقده"، ومصطفى سويف .
المبحث الرابع: نقد المنهج النفسي.
للمنهج النفسي في النقد الأدبي عيوب وجوانب تقصير، من أهمها:
1. أن المنهج النفسي ينظر إلى العمل الأدبي بوصفه وثيقة نفسية؛ مما يؤدي إلى معاملة العمل الأدبي على اختلاف مستوياته معاملة واحدة، فالعمل الأدبي الرديء كالعمل الأدبي الجيد من حيث دلالتهما على مُنشئهما، فلم يعد أساس التفاضل توافرَ قيم جمالية وفنية في هذا العمل، ولا شك أن النتيجة التي تترتب على ذلك هي أن هذا المنهج سيكون تحليلاً نفسياً أكثر منه منهجاً نقدياً .
2. يعتمد المنهج النفسي على كشوفات علم النفس وقوانينه العامة، وهي قوانين وكشوفات لم تزل في إطار الفروض العلمية، وأن من الخطأ الجسيم اتخاذها نتائج يقينية وتطبيقها على النصوص الأدبية تطبيقاً حرفياً، فليس نبوغ الفنان مظهراً من مظاهر مرضه العصابي .
3. إذا كان العمل الإبداعي تحويل لطاقات المبدع في صورة من صور التسامي بغية تحقيق التواؤم مع المجتمع، فإن دافع التعبير عن الذات يمكن أن يكون شرطاً من شروط إنتاج الفن، وربما كانت رغبة المبدع في كسب التأييد الاجتماعي أو سواها من الرغبات الدفينة الأخرى؛ هي البديل الآخر المقبول غير الدافع الجنسي، فليس من الصواب في شيء النظر إلى الفن والأدب على أنه محصلة لنفوس شاذة أو مجموعة من الأعراض المرضية.
المبحث الخامس: تحليل نص في ضوء المنهج النفسي.
يقول محمود أبو الوفا :
قضى زماني علي أني أمشي، ورجلاي في القيود
شاهد أيضاً من هنااااااا بحث حول المنهج النفسي في تحليل النصوص الأدبية المنهج النفسي ويكيبيديا
عبر الشاعر هنا عن عاهته بالقيود، فقد بترت إحدى ساقيه أيام صباه، وأصبحت العصا بديلاً لها، فكأنما هو أسير، يمشي والقيود في رجليه، فكأنما أصبح "القيد" الذي تردد كثيراً في أشعاره كالعقدة النفسية التي ظهر أثرها على إبداعه.
أصبحت من خوف القيود أخاف وسوسة القلائد
ترددت كلمة "الخوف" في هذا البيت مرتين، وهي ظاهرة نفسية معروفة، فخوف الشاعر من "القيود" التي دائماً يعبر بها عن عجزه وعاهته؛ دفعته إلى الفزع من صوت احتكاك القلائد بعضها ببعض ربما لشبهه بصوت احتكاك القيود والسلاسل، فقد انحرف الخوف الطبيعي إلى خوف مرضي تمثل في الخوف من القلائد وربما انتقل الخوف ـ أيضاً ـ إلى كل ما يحيط بعضوٍ ما كالقلائد والأساور وغيرها.
أطلقت نفسي من كل القيود، ولو ملكت حطمتها تحطيم أوثان
إلا القيود التي قد صغتها بيـدي فإنها عملي، أو صنع وجداني
ضاق الشاعر من كل القيود الموجودة، وتمنى أن لو استطاع تحطيمها كلها، لكنه استثنى قيوده الفنية التي ارتضاها لنفسه،
فنجد لفظة "القيد" تكررت؛ مما يؤكد عقدة الشاعر النفسية من "العصا" التي أصبحت كالقيد له، فلا تفارقه ولا يستطيع الاستغناء عنها، فأصبح خوفه وكرهه يشمل كل قيد سوى القيود التي صنعها وجدانه.
لم أقل غير ما حسـبت مفيداً ليت شعري! هل قلت شيئاً مفيداً
فإذا عشت عشتُ حراً ضميري مـستريحاً لما صنعت سعــيداً
وإذا مت متُّ حــراً؛ لأنـي لم أضف للحياة قيداً جــديداً
نلاحظ هنا أن غرض القصيدة هو الفخر،إلا أن "القيد" ما زال ملازماً للقصيدة، فحسب الشاعر فخره بأنه لم يضف للحياة قيداً جديداً، فقد أصبح "القيد" هنا مجالاً للفخر.
فنستنتج أن الشاعر يعاني من عقدة "القيد" التي يقصد بها عاهته وملازمة عصاه، فأصبح القيد هو كل ما يراه في هذه الحياة، وترددت في أكثر قصائده باختلاف أغراضها، حتى أنه عنون قصيدة له بـ"قيود"، ونلاحظ ـ أيضاً ـ تردد الألفاظ الحركية في قصائده كـ"أمشي" و "رجلاي" و "أطلقت" و "تحطيم" و "بيدي" و "صنعت" كأثر لفقدانه حرية الحركة، فجاءت كنتيجة للنقص الذي كان يعانيه الشاعر وعبر عنه بقوة في قصائده.
الخاتمة
أصبحت الدراسات النقدية لا تقتصر على الإبداع، ولا تتوقف عند بعض مظاهر النص، وإنما تشمل - أيضاً - عمليات التلقي والاستجابة، وتعددت المناهج ومنها"المنهج النفسي"الذي كانت جذوره متمثلة في آراء أفلاطون وأرسطو وفي تراثنا النقدي - أيضاً -.
ثم تطور المنهج النفسي ابتداءً من الميدان التحليلي عند "فرويد"، ثم الميدان الجمعي عند "يونج"، إلى أن بلغ الميدان التجريبي الجديد المرتبط بالذكاء الاصطناعي، وقد تأثر بهذا المنهج عدد ليس بالكثير من النقاد في العصر الحديث.
وتظل فائدة المنهج النفسي في النهاية رهناً بمعرفة الناقد حدود منهجه النقدي؛ وحدوده أن يفيد من علم النفس ليكون عامل عونٍ على إضاءة العمل الإبداعي وتعمق أسراره، لا أن يكون العمل الأدبي وثيقة نفسية نستدل منها على مرض المبدع.